للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَبَنِي الْحَارِثِ وَهُوَ يَوْمُ السَّرَارَةِ]

ثُمَّ إِنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الْأَوْسِ وَبَنِي الْحَارِثِ مِنَ الْخَزْرَجِ كَانَ بَيْنَهُمَا حَرْبٌ شَدِيدَةٌ.

وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمْرٍو قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ، فَغَدَا بَنُو عَمْرٍو عَلَى الْقَاتِلِ فَقَتَلُوهُ غِيلَةً، فَاسْتَكْشَفَ أَهْلُهُ فَعَلِمُوا كَيْفَ قُتِلَ، فَتَهَيَّأُوا لِلْقِتَالِ وَأَرْسَلُوا إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يُؤْذِنُونَهُمْ بِالْحَرْبِ، فَالْتَقَوْا بِالسَّرَارَةِ، وَعَلَى الْأَوْسِ حُضَيْرُ بْنُ سِمَاكٍ وَالِدُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَعَلَى الْخَزْرَجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلُولٍ أَبُو الْحُبَابِ الَّذِي كَانَ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ. فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا صَبَرَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ انْصَرَفَتِ الْأَوْسُ إِلَى دُورِهَا فَفَخَرَتِ الْخَزْرَجُ بِذَلِكَ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ:

فِدًى لِبَنِي النَّجَّارِ أُمِّي وَخَالَتِي ... غَدَاةَ لَقُوهُمْ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

وَصِرْمٍ مِنَ الْأَحْيَاءِ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ ... إِذَا مَا دَعَوْا كَانَتْ لَهُمْ دَعْوَةُ النَّصْرِ

فَوَاللَّهِ لَا أَنْسَى حَيَاتِي بَلَاءَهُمْ ... غَدَاةَ رَمَوْا عَمْرًا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ

وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:

لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرُ بِالْحَقِّ مَا نَبَا ... عَلَيَّ لِسَانِي فِي الْخُطُوبِ وَلَا يَدِي

لِسَانِي وَسَيْفِي صَارِمَانِ كِلَاهُمَا ... وَيَبْلُغُ مَا لَا يَبْلُغُ السَّيْفُ مِذْوَدِي

فَلَا الْجُهْدُ يُنْسِينِي حَيَائِي وَعِفَّتِي ... وَلَا وَقَعَاتِ الدَّهْرِ يَفْلُلْنَ مِبْرَدِي

أُكَثِّرُ أَهْلِي مِنْ عِيَالٍ سِوَاهُمُ ... وَأَطْوِي عَلَى الْمَاءِ الْقَرَاحِ الْمُبَرَّدِ

وَمِنْهَا:

وَإِنِّي لَمِنْجَاءُ الْمَطِيِّ عَلَى الْوَجَى ... وَإِنِّي لَنَزَّالٌ لِمَا لَمْ أُعَوَّدِ

وَإِنِّي لَقَوَّالٌ لِذِي اللَّوْثِ مَرْحَبًا ... وَأَهْلًا إِذَا مَا رِيعَ مِنْ كُلِّ مَرْصَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>