وَأَنَا الَّذِي أَعْجَلْتُهُ ... عَنْ مَقْعَدٍ أَلْهَى كِلَابَهْ
وَرَمَيْتُهُ سَهْمًا فَأَخْ ... طَأَهُ وَأَغْلَقَ ثَمَّ بَابَهْ
فِي أَبْيَاتٍ.
ثُمَّ إِنَّ أُحَيْحَةَ أَجْمَعَ أَنْ يُبَيِّتَ بَنِي النَّجَّارِ وَعِنْدَهُ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ النَّجَّارِيَةُ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا رَضِيَتْ، فَلَمَّا جَنَّهَا اللَّيْلُ وَقَدْ سَهِرَ مَعَهَا أُحَيْحَةُ فَنَامَ، فَلَمَّا نَامَ سَارَتْ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَأَعْلَمَتْهُمْ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَحَذِرُوا، وَغَدَا أُحَيْحَةُ بِقَوْمِهِ مَعَ الْفَجْرِ، فَلَقِيَهُمْ بَنُو النَّجَّارِ فِي السِّلَاحِ فَكَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ مِنْ قِتَالٍ، وَانْحَازَ أُحَيْحَةُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ سَلْمَى أَخْبَرَتْهُمْ فَضَرَبَهَا حَتَّى كَسَرَ يَدَهَا وَأَطْلَقَهَا وَقَالَ أَبْيَاتًا، مِنْهَا:
لَعَمْرُ أَبِيكِ مَا يُغْنِي مَكَانِي ... مِنَ الْحُلَفَاءِ آكِلَةٌ غَفُولُ
تُؤَوَّمُ لَا تُقَلَّصُ مُشْمَعِلًّا ... مَعَ الْفِتْيَانِ مَضْجَعُهُ ثَقِيلُ
تَنَزَّعُ لِلْجَلِيلَةِ حَيْثُ كَانَتْ ... كَمَا يَعْتَادُ لِقْحَتَهُ الْفَصِيلُ
وَقَدْ أَعْدَدْتُ لَلْحَدَثَانِ حِصْنًا ... لَوَ أَنَّ الْمَرْءَ يَنْفَعُهُ الْعُقُولُ
جَلَاهُ الْقَيْنُ ثُمَّتَ لَمْ تَخُنْهُ ... مَضَارِبُهُ وَلَاطَتْهُ فُلُولُ
فَهَلْ مِنْ كَاهِنٍ آوَى إِلَيْهِ ... إِذَا مَا حَانَ مِنْ آلٍ نُزُولُ
يُرَاهِنُنِي وَيَرْهَنُنِي بَنِيهِ ... وَأَرْهَنُهُ بَنِيَّ بِمَا أَقُولُ
فَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ ... وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
وَمَا تَدْرِي وَإِنْ أَجْمَعْتَ أَمْرًا ... بِأَيِّ الْأَرْضِ يُدْرِكُكَ الْمَقِيلُ
وَمَا تَدْرِي وَإِنْ أَنْتَجْتَ سَقْبًا ... لِغَيْرِكَ أَمْ يَكُونُ لَكَ الْفَصِيلُ
وَمَا إِنْ إِخْوَةٌ كَبِرُوا وَطَابُوا ... لَبَاقِيَةٌ، وَأُمُّهُمُ هَبُولُ
سَتَثْكَلُ أَوْ يُفَارِقُهَا بَنُوهَا ... بِمَوْتٍ أَوْ يَجِيءُ لَهُمْ قَتُولُ