[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥٨٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
اتُّفِقَ أَوَّلُ هَذِهِ السَّنَةِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّوْرُوزِ السُّلْطَانِيِّ، وَرَابِعَ عَشَرَ آذَارَ سَنَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانٍ وَتِسْعِينَ إِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَكَانَ الْقَمَرُ وَالشَّمْسُ فِي الْحَمَلِ، وَاتَّفَقَ أَوَّلُ سَنَةِ الْعَرَبِ، وَأَوَّلُ سَنَةِ الْفُرْسِ الَّتِي جَدَّدُوهَا أَخِيرًا، وَأَوَّلُ سَنَةِ الرُّومِ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي أَوَّلِ الْبُرُوجِ، وَهَذَا يَبْعُدُ وُقُوعُ مِثْلِهِ.
ذِكْرُ حَصْرِ صَلَاحِ الدِّينِ الْكَرَكَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ يَسْتَنْفِرُ النَّاسَ لِلْجِهَادِ، وَكَتَبَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ وَإِرْبِلَ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الشَّرْقِ، وَإِلَى مِصْرَ وَسَائِرِ بِلَادِ الشَّامِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجِهَادِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالتَّجَهُّزِ لَهُ بِغَايَةِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ دِمَشْقَ، أَوَاخِرَ الْمُحَرَّمِ، فِي عَسْكَرِهَا الْخَاصِّ، فَسَارَ إِلَى رَأْسِ الْمَاءِ، وَتَلَاحَقَتْ بِهِ الْعَسَاكِرُ الشَّامِيَّةُ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَعَلَ عَلَيْهِمْ وَلَدَهُ الْمَلِكَ الْأَفْضَلَ عَلِيًّا لِيَجْتَمِعَ إِلَيْهِ مَنْ يَرِدُ إِلَيْهِ مِنْهَا، وَسَارَ هُوَ إِلَى بُصْرَى، جَرِيدَةً.
وَكَانَ سَبَبُ مَسِيرِهِ وَقَصْدِهِ إِلَيْهَا أَنَّهُ أَتَتْهُ الْأَخْبَارُ أَنَّ الْبِرِنْسَ أَرْنَاطَ، صَاحِبَ الْكَرَكِ، يُرِيدُ أَنْ يَقْصِدَ الْحُجَّاجَ لِيَأْخُذَهُمْ مِنْ طَرِيقِهِمْ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ أَخْذِ الْحُجَّاجِ يَرْجِعُ إِلَى طَرِيقِ الْعَسْكَرِ الْمِصْرِيِّ يَصُدُّهُمْ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ، فَسَارَ إِلَى بُصْرَى لِيَمْنَعَ الْبِرِنْسَ أَرْنَاطَ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّاجِ، وَيَلْزَمَ بَلَدَهُ خَوْفًا عَلَيْهِ.
وَكَانَ مِنَ الْحُجَّاجِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَقَارِبِهِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ لَاجِينَ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَغَيْرُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ أَرْنَاطُ بِقُرْبِ صَلَاحِ الدِّينِ مِنْ بَلَدِهِ لَمْ يُفَارِقْهُ، وَانْقَطَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute