[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥٠٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مَوْدُودٍ وَعَسْكَرِ السُّلْطَانِ عَلَى الْمُوصِلِ وَوِلَايَةِ مَوْدُودٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، اسْتَوْلَى مَوْدُودٌ، وَالْعَسْكَرُ الَّذِي أَرْسَلَهُ السُّلْطَانُ مَعَهُ، عَلَى مَدِينَةِ الْمَوْصِلِ، وَأَخَذُوهَا مِنْ أَصْحَابِ جَاوْلِي سَقَّاوُو، وَقَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ اسْتِيلَاءَ جَاوْلِي عَلَيْهَا، وَمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَكَرْمِشَ وَالْمَلِكِ قَلْج أَرْسِلَانَ، وَهَلَاكَهِمَا عَلَى يَدِهِ، وَصَارَ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَسْكَرُ الْكَثِيرُ، وَالْعُدَّةُ التَّامَّةُ، وَالْأَمْوَالُ الْكَثِيرَةُ، وَكَانَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ قَدْ جَعَلَ إِلَيْهِ وِلَايَةَ كُلِّ بَلَدٍ يَفْتَحُهُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ وَالْأَمْوَالِ.
وَكَانَ سَبَبُ أَخْذِ الْبِلَادِ مِنْهُ: أَنَّهُ لَمَّا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَعَلَى الْأَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ مِنْهَا، لَمْ يَحْمِلْ إِلَى السُّلْطَانِ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا وَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَى بَغْدَاذَ، لِقَصْدِ بِلَادِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ، أَرْسَلَ إِلَى جَاوْلِي يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ بِالْعَسَاكِرِ، وَكَرَّرَ الرُّسُلَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَحْضُرْ، وَغَالَطَ فِي الِانْحِدَارِ إِلَيْهِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ، حَتَّى كَاتَبَ صَدَقَةَ، وَأَظْهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَعَهُ، وَمُسَاعِدَهُ عَلَى حَرْبِ السُّلْطَانِ، وَأَطْمَعَهُ فِي الْخِلَافِ وَالْعِصْيَانِ.
فَلَمَّا فَرَغَ السُّلْطَانُ مِنْ أَمْرِ صَدَقَةَ، وَقَتَلَهُ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، تَقَدَّمَ إِلَى الْأُمَرَاءِ بَنِي بُرْسُقَ، وَسَكْمَانَ الْقُطْبِيِّ، وَمَوْدُودِ بْنِ أَلْتُونْتِكِينَ، وَآقْسُنْقُرَ الْبُرْسُقِيِّ، وَنَصْرِ ابْنِ مُهَلْهَلِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute