للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلِيلًا وَأَلَحَّ فِي الِاسْتِعْفَاءِ فَأَعْفَاهُ عُمَرُ، وَوَلَّى عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: إِنِّي بَعَثْتُ عَمَّارًا أَمِيرًا وَجَعَلْتُ مَعَهُ ابْنَ مَسْعُودٍ مُعَلِّمًا. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِحِمْصَ فَسَيَّرَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَمَدَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَمَدَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ بِأَبِي مُوسَى. وَكَانَ أَهْلُ هَمَذَانَ قَدْ كَفَرُوا بَعْدَ الصُّلْحِ، فَبَعَثَ عُمَرُ لِوَاءً إِلَى نُعَيْمِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَأَمَرَهُ بِقَصْدِ هَمَذَانَ، فَإِذَا فَتَحَهَا سَارَ إِلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَبَعَثَ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ وَبُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا مِنْ حُلْوَانَ وَالْآخَرُ مِنَ الْمَوْصِلِ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَأَمَّرَ عُمَرُ سُرَاقَةَ عَلَى الْبَصْرَةِ.

[ذكر فَتْحِ أَصْبَهَانَ]

وَفِيهَا بَعَثَ عُمَرُ إِلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِتْبَانَ، وَكَانَ شُجَاعًا مِنْ أَشْرَافِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ وُجُوهِ الْأَنْصَارِ حَلِيفًا لِبَنِي الْحُبُلِيِّ، وَأَمَدَّهُ بِأَبِي مُوسَى، وَجَعَلَ عَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيَّ وَعِصْمَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَارُوا إِلَى نَهَاوَنْدَ، وَرَجَعَ حُذَيْفَةُ إِلَى عَمَلِهِ عَلَى مَا سَقَتْ دِجْلَةُ وَمَا وَرَاءَهَا، وَسَارَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ جُنْدِ النُّعْمَانِ بِنَهَاوَنْدَ نَحْوَ أَصْبَهَانَ، وَعَلَى جُنْدِهَا الْأَسْبِيدَانُ، وَعَلَى مُقَدَّمَتِهِ شَهْرَيَارُ بْنُ جَاذَوَيْهِ، شَيْخٌ كَبِيرٌ، فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، وَمُقَدَّمَةُ الْمُشْرِكِينَ بِرُسْتَاقٍ لِأَصْبَهَانَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَدَعَا الشَّيْخُ إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ فَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَ أَهْلُ أَصْبَهَانَ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الرُّسْتَاقُ رُسْتَاقَ الشَّيْخِ إِلَى الْيَوْمِ، وَصَالَحَهُمُ الْأَسْبِيدَانُ عَلَى رُسْتَاقِ الشَّيْخِ، وَهُوَ أَوَّلُ رُسْتَاقٍ أُخِذَ مِنْ أَصْبَهَانَ.

ثُمَّ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى مَدِينَةِ جَيٍّ وَهِيَ مَدِينَةُ أَصْبَهَانَ، فَانْتَهَى إِلَيْهَا وَالْمَلِكُ بِأَصْبَهَانَ الْفَاذُوسْفَانُ، فَنَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى جَيٍّ وَحَاصَرَهَا وَقَاتَلَهَا، ثُمَّ صَالَحَهُ الْفَاذُوسْفَانُ عَلَى أَصْبَهَانَ وَأَنَّ عَلَى مَنْ أَقَامَ الْجِزْيَةَ وَأَقَامَ عَلَى مَالِهِ وَأَنْ يَجْرِيَ مَنْ أُخِذَتْ أَرْضُهُ عَنْوَةً مَجْرَاهُمْ وَمَنْ أَبَى وَذَهَبَ كَانَ لَكُمْ أَرْضُهُ، وَقَدِمَ أَبُو مُوسَى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ مِنْ نَاحِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>