للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٩٦ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ غَزْوَةِ الْمُولْتَانِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا السُّلْطَانُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ الْمُولْتَانَ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ وَالِيَهَا أَبَا الْفُتُوحِ نُقِلَ عَنْهُ خُبْثُ اعْتِقَادِهِ، وَنُسِبَ إِلَى الْإِلْحَادِ، وَأَنَّهُ قَدْ دَعَا أَهْلَ وِلَايَتِهِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ. فَرَأَى يَمِينُ الدَّوْلَةِ أَنْ يُجَاهِدَهُ وَيَسْتَنْزِلَهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، فَسَارَ نَحْوَهُ، فَرَأَى الْأَنْهَارَ الَّتِي فِي طَرِيقِهِ كَثِيرَةَ الزِّيَادَةِ، عَظِيمَةَ الْمَدِّ، وَخَاصَّةً سَيْحُونَ، فَإِنَّهُ مَنَعَ جَانِبَهُ مِنَ الْعُبُورِ فَأَرْسَلَ إِلَى أَنْدِبَالَ يَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْعُبُورِ بِبِلَادِهِ إِلَى الْمُولْتَانِ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَابْتَدَأَ بِهِ قَبْلَ الْمُولْتَانِ، وَقَالَ: نَجْمَعُ بَيْنَ غَزْوَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا غَزْوَ إِلَّا التَّعْقِيبُ فَدَخَلَ بِلَادَهُ، وَجَاسَهَا، وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهَا، وَالنَّهْبَ لِأَمْوَالِ أَهْلِهَا، وَالْإِحْرَاقَ لِأَبْنِيَتِهَا، فَفَرَّ أَنْدِبَالُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ فِي أَثَرِهِ كَالشِّهَابِ فِي أَثَرِ الشَّيْطَانِ، مِنْ مَضِيقٍ إِلَى مَضِيقٍ، إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى قِشْمِيرَ.

وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو الْفُتُوحِ بِخَبَرِ إِقْبَالِهِ إِلَيْهِ عَلِمَ عَجْزَهُ عَنِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْعِصْيَانِ عَلَيْهِ، فَنَقَلَ أَمْوَالَهُ إِلَى سَرَنْدِيبَ، وَأَخْلَى الْمُولْتَانَ، فَوَصَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَيْهَا وَنَازَلَهَا، فَإِذَا أَهْلُهَا فِي ضَلَالِهِمْ يَعْمَهُونَ، فَحَصَرَهُمْ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَتَابَعَ الْقِتَالَ حَتَّى افْتَتَحَهَا عَنْوَةً، وَأَلْزَمَ أَهْلَهَا عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عُقُوبَةً لِعِصْيَانِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>