للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَة]

٤٥٠ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

ذِكْرُ مُفَارَقَةِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ الْمَوْصِلَ وَاسْتِيلَاءِ الْبَسَاسِيرِيِّ عَلَيْهَا وَأَخْذِهَا مِنْهُ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَارَقَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ الْمَوْصِلَ نَحْوَ بِلَادِ الْجَبَلِ، فَنَسَبَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَك رَحِيلَهُ إِلَى الْعِصْيَانِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولًا يَسْتَدْعِيهِ وَصُحْبَتَهُ الْفُرْجِيَّةَ الَّتِي خَلَعَهَا عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ، وَكَتَبَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِ أَيْضًا كِتَابًا فِي الْمَعْنَى، فَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَهُوَ بِبَغْدَاذَ، فَخَرَجَ الْوَزِيرُ الْكُنْدُرِيُّ لِاسْتِقْبَالِهِ، وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِ الْخِلَعَ.

وَلَمَّا فَارَقَ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلَ قَصَدَهَا الْبَسَاسِيرِيُّ وَقُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ، وَحَاصَرَاهَا، فَمَلَكَا الْبَلَدَ لِيَوْمِهِ، وَبَقِيَتِ الْقَلْعَةُ، وَبِهَا الْخَازِنُ وَأَرْدَمُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَحَاصَرَاهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَكَلَ مَنْ فِيهَا دَوَابَّهُمْ، فَخَاطَبَ ابْنُ مُوسَكَ صَاحِبُ إِرْبِلَ قُرَيْشًا حَتَّى أَمَّنَهُمْ فَخَرَجُوا، فَهَدَمَ الْبَسَاسِيرِيُّ الْقَلْعَةَ، وَعَفَّى أَثَرَهَا.

وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ فَرَّقَ عَسْكَرَهُ فِي النَّوْرُوزِ، وَبَقِيَ جَرِيدَةً فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا، وَكَانَ قُرَيْشٌ وَالْبَسَاسِيرِيُّ قَدْ فَارَقَاهَا، فَسَارَ السُّلْطَانُ إِلَى نَصِيبِينَ لِيَتَتَبَّعَ آثَارَهُمْ وَيُخْرِجَهُمْ مِنَ الْبِلَادِ، فَفَارَقَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ، وَسَارَ نَحْوَ هَمَذَانَ، فَوَصَلَهَا فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَكَانَ قَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمِصْرِيِّينَ كَاتَبُوهُ، وَالْبَسَاسِيرِيُّ قَدِ اسْتَمَالَهُ وَأَطْمَعَهُ فِي السَّلْطَنَةِ وَالْبِلَادِ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى هَمَذَانَ سَارَ السُّلْطَانُ فِي أَثَرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>