أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ لِأَبِيهَا، وَكَانَتْ أَمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَالِدُ مَرْوَانَ، وَغَيْرُهُمْ، أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ.
[ذِكْرُ الْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ]
وَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ قَالَ: «لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ،، فَإِنَّ فِيهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ» .
فَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ وَفِرَارًا إِلَى اللَّهِ بِدِينِهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلَ هِجْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَوْجَتُهُ رُقَيَّةُ ابْنَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَغَيْرُهُمْ تَمَامَ عَشَرَةِ رِجَالٍ، وَقِيلَ: أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَكَانَ مَسِيرُهُمْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ إِظْهَارِ الدَّعْوَةِ، فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ.
وَقَدِمُوا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَكَانَ سَبَبُ قُدُومِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمَّا رَأَى مُبَاعَدَةَ قَوْمِهِ لَهُ شَقَّ عَلَيْهِ، وَتَمَنَّى أَنْ يَأْتِيَهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ يُقَارِبُهُمْ بِهِ، وَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: ١] ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ١٩] ، أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ لَمَّا كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ: تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى. فَلَمَّا سَمِعَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ سَرَّهُمْ، وَالْمُسْلِمُونَ مُصَدِّقُونَ بِذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَّهِمُونَهُ وَلَا يَظُنُّونَ بِهِ سَهْوًا وَلَا خَطَأً. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى سَجْدَةٍ سَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَّا الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُطِقِ السُّجُودَ لِكِبَرِهِ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنَ الْبَطْحَاءِ فَسَجَدَ عَلَيْهَا. ثُمَّ تَفَرَّقَ النَّاسُ. وَبَلَغَ الْخَبَرُ مَنْ بِالْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمَتْ، فَعَادَ مِنْهُمْ قَوْمٌ وَتَخَلَّفَ قَوْمٌ، وَأَتَى جِبْرَائِيلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَرَأَ، فَحَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَافَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute