[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَة]
١١٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ وِلَايَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ، عَلَى الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَإِرْمِينِيَّةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي عَسْكَرِ مَسْلَمَةَ بِإِرْمِينِيَّةَ حِينَ غَزَا الْخَزَرُ، فَلَمَّا عَادَ مَسْلَمَةُ سَارَ مَرْوَانُ إِلَى هِشَامٍ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ قُدُومِهِ فَقَالَ: ضِقْتُ ذَرْعًا بِمَا أَذْكُرُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ يَحْمِلُهُ غَيْرِي! قَالَ: وَمَا هُوَ: قَالَ مَرْوَانُ: قَدْ كَانَ مِنْ دُخُولِ الْخَزَرِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَقَتْلِ الْجَرَّاحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا دَخَلَ بِهِ الْوَهْنُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَجِّهَ أَخَاهُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ مَا وَطِئَ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَّا أَدْنَاهَا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا رَأَى كَثْرَةَ جَمْعِهِ أَعْجَبَهُ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى الْخَزَرِ يُؤْذِنُهُمْ بِالْحَرْبِ، وَأَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَاسْتَعَدَّ الْقَوْمُ وَحَشَدُوا، فَلَمَّا دَخَلَ بِلَادَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ نِكَايَةٌ، وَكَانَ قُصَارَاهُ السَّلَامَةُ، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تَأْذَنَ لِي فِي غَزْوَةٍ أُذْهِبُ بِهَا عَنَّا الْعَارَ، وَأَنْتَقِمُ مِنَ الْعَدُوِّ. قَالَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ. قَالَ: وَتُمِدُّنِي بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَتَكْتُمُ هَذَا الْأَمْرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى إِرْمِينِيَّةَ. فَوَدَّعَهُ وَسَارَ إِلَى إِرْمِينِيَّةَ وَالِيًا عَلَيْهَا، وَسَيَّرَ هِشَامٌ الْجُنُودَ مِنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ، فَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنَ الْجُنُودِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، فَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ غَزْوَ اللَّانِ وَقَصَدَ بِلَادَهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَلِكِ الْخَزَرِ يَطْلُبُ مِنْهُ الْمُهَادَنَةَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ يُقَرِّرُ الصُّلْحَ، فَأَمْسَكَ الرَّسُولَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ جَهَازِهِ وَمَا يُرِيدُ، ثُمَّ أَغْلَظَ لَهُمُ الْقَوْلَ وَآذَنَهُمْ بِالْحَرْبِ، وَسَيَّرَ الرَّسُولَ إِلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، وَوَكَّلَ بِهِ مَنْ يُسَيِّرُهُ عَلَى طَرِيقٍ فِيهِ بُعْدٌ، وَسَارَ هُوَ فِي أَقْرَبِ الطُّرُقِ، فَمَا وَصَلَ الرَّسُولُ إِلَى صَاحِبِهِ إِلَّا وَمَرْوَانُ قَدْ وَافَاهُمْ، فَأَعْلَمَ صَاحِبَهُ الْخَبَرَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا جَمَعَ لَهُ مَرْوَانُ وَحَشَدَ وَاسْتَعَدَّ. فَاسْتَشَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute