وَسَلَكُوا غَيْرَ الطَّرِيقِ، فَسَقَطُوا مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي سَلَكُوهُ فَلَقُوا شِدَّةً فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَنْتَرَةُ:
كَأَنَّ السَّرَايَا يَوْمَ نِيقٍ وَصَارَةٍ ... عَصَائِبُ طَيْرٍ يَنْتَحِينَ لِمَشْرَبِ
شَفَى النَّفْسَ مِنِّي أَوْ دَنَا لِشِفَائِهَا ... تَهَوُّرُهُمْ مِنْ حَالِقٍ مُتَصَوِّبِ
وَقَدْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَمُوتَ وَلَمْ تَقُمْ ... مَرَاتِبُ عَمْرٍو وَسْطَ نَوْحٍ مُسَلِّبِ
وَكَانَتْ أُمُّ سَمَاعَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنْ عَبْسٍ، فَزَارَهُ خَالُهُ فَقَتَلَهُ بِابْنِهِ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ مِسْكِينٌ الدَّارِمِيُّ:
وَقَاتِلُ خَالِهِ بِأَبِيهِ مِنَّا ... سَمَاعَةُ لَمْ يَبِعْ نَسَبًا بِخَالِ
[يَوْمُ السُّلَّانِ]
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ بَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حُمْسًا، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَنْ لَهُ فِيهِمْ وِلَادَةٌ، وَالْحُمْسُ مُتَشَدِّدُونَ فِي دِينِهِمْ، وَكَانَتْ عَامِرٌ أَيْضًا لَقَاحًا لَا يَدِينُونَ لِلْمُلُوكِ. فَلَمَّا مَلَكَ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ مَلَّكَهُ كِسْرَى أَبْرَوِيزُ، وَكَانَ يُجَهِّزُ كُلَّ عَامٍ لَطِيمَةً، وَهِيَ التِّجَارَةُ، لِتُبَاعَ بِعُكَاظَ، فَعَرَضَتْ بَنُو عَامِرٍ لِبَعْضِ مَا جَهَّزَهُ فَأَخَذُوهُ. فَغَضِبَ لِذَلِكَ النُّعْمَانُ وَبَعَثَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ، وَهُوَ وَبَرَةُ بْنُ رُومَانْسَ الْكَلْبِيُّ، وَبَعَثَ إِلَى صَنَائِعِهِ وَوَضَائِعِهِ، وَالصَّنَائِعُ مَنْ كَانَ يَصْطَنِعُهُ مِنَ الْعَرَبِ لِيُغْزِيَهُ، وَالْوَضَائِعُ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا شِبْهَ الْمَشَايِخِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي ضَبَّةَ بْنِ أُدٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرِّبَابِ وَتَمِيمٍ فَجَمَعَهُمْ، فَأَجَابُوهُ، فَأَتَاهُ ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ فِي تِسْعَةٍ مِنْ بَنِيهِ كُلُّهُمْ فَوَارِسُ وَمَعَهُ حُبَيْشُ بْنُ دُلَفٍ، وَكَانَ فَارِسًا شُجَاعًا، فَاجْتَمَعُوا فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ، فَجَهَّزَ النُّعْمَانُ مَعَهُمْ عِيرًا وَأَمَرَهُمْ بِتَسْيِيرِهَا وَقَالَ لَهُمْ: إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute