للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]

٣٢٣ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ قَتْلِ مَرْدَاوَيْجَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ مَرْدَاوَيْجُ (الدَّيْلَمِيُّ صَاحِبُ بِلَادِ الْجَبَلِ وَغَيْرِهَا) .

وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ كَانَ كَثِيرُ الْإِسَاءَةِ لِلْأَتْرَاكِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ رُوحَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَلَّتْ فِيهِ، وَإِنَّ الْأَتْرَاكَ هُمُ الشَّيَاطِينُ وَالْمَرَدَةُ، فَإِنْ قَهَرَهُمْ وَإِلَّا أَفْسَدُوا، فَثَقُلَتْ وَطْأَتُهُ عَلَيْهِمْ وَتَمَنَّوْا هَلَاكَهُ.

فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْمِيلَادِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْوَقُودِ، أَمَرَ بِأَنْ يُجْمَعَ الْحَطَبُ مِنَ الْجِبَالِ وَالنَّوَاحِي، وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَى جَانِبَيِ الْوَادِي الْمَعْرُوفِ بِزَنْدَرُوذَ كَالْمَنَابِرِ وَالْقِبَابِ الْعَظِيمَةِ، وَيُعْمَلُ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِكَرِيمِ كَوْهَ الْمُشْرِفِ عَلَى أَصْبَهَانَ، مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلَاهُ، بِحَيْثُ إِذَا اشْتَعَلَتْ تِلْكَ الْأَحْطَابُ، يَصِيرُ الْجَبَلُ كُلُّهُ نَارًا، وَعَمِلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْجِبَالِ وَالتِّلَالِ الَّتِي هُنَاكَ، وَأَمَرَ فَجُمِعَ لَهُ النَّفْطُ وَمَنْ يَلْعَبُ بِهِ، وَعَمِلَ مِنَ الشُّمُوعِ مَا لَا يُحْصَى، وَصِيدَ لَهُ مِنَ الْغِرْبَانِ وَالْحَدَأِ زِيَادَةٌ عَلَى أَلْفَيْ طَائِرٍ لِيَجْعَلَ فِي أَرْجُلِهَا النَّفْطَ وَتُرْسَلُ لِتَطِيرَ بِالنَّارِ فِي الْهَوَاءِ، وَأَمَرَ بِعَمَلِ سِمَاطٍ عَظِيمٍ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ: مِائَةُ فَرَسٍ، وَمِائَتَانِ مِنَ الْبَقَرِ مَشْوِيَّةٌ صِحَاحًا، سِوَى مَا شُوِيَ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَأْسٍ، سِوَى الْمَطْبُوخِ، وَكَانَ فِيهِ مِنَ الدَّجَاجِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّيْرِ زِيَادَةٌ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ عَدَدٍ، وَعُمِلَ مِنْ أَلْوَانِ الْحَلْوَاءِ مَا لَا يُحَدُّ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ السِّمَاطِ، فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ إِلَى مَجْلِسِ الشَّرَابِ وَيُشْعِلُ النِّيرَانَ فَيَتَفَرَّجُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>