وَفِيهَا قُتِلَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ الْعَدَوِيُّ عَدِيُّ قُرَيْشٍ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ عُمَرَ.
وَفِيهَا قُتِلَ النُّضَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ قَدِيمُ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ، وَهُوَ أَخُو النَّضْرِ الَّذِي قُتِلَ بِبَدْرٍ كَافِرًا.
وَقُتِلَ فِيهَا أَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ الْعَبْدَرِيُّ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَهُوَ مِنْ مُهَاجَرَةِ الْحَبَشَةِ، شَهِدَ أُحُدًا. وَقِيلَ: قُتِلُوا يَوْمَ أَجْنَادِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[ذِكْرُ حَالِ الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ بِالْعِرَاقِ]
وَأَمَّا الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا وَدَّعَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَارَ خَالِدٌ إِلَى الشَّامِ فِيمَنْ مَعَهُ بِالْجُنْدِ، أَقَامَ بِالْحِيرَةِ وَوَضَعَ الْمَسْلَحَةَ وَأَذْكَى الْعُيُونَ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُ فَارِسٍ بَعْدَ مَسِيرِ خَالِدٍ مِنَ الْحِيرَةِ بِقَلِيلٍ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، عَلَى شَهْرِيرَانَ بْنِ أَرْدَشِيرَ بْنِ شَهْرَيَارَ سَابُورَ، فَوَجَّهَ إِلَى الْمُثَنَّى جُنْدًا عَظِيمًا عَلَيْهِمْ هُرْمُزُ جَاذَوَيْهِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَخَرَجَ الْمُثَنَّى مِنَ الْحِيرَةِ نَحْوَهُ وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ الْمُعَنَّى وَمَسْعُودٌ أَخَوَاهُ، فَأَقَامَ بِبَابِلَ، وَأَقْبَلَ هُرْمُزُ نَحْوَهُ، وَكَتَبَ كِسْرَى شَهْرِيرَانَ إِلَى الْمُثَنَّى كِتَابًا: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ جُنْدًا مِنْ وَخْشِ أَهْلِ فَارِسَ، إِنَّمَا هُمْ رِعَاءُ الدَّجَاجِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُكَ إِلَّا بِهِمْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُثَنَّى: إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا بَاغٍ، فَذَلِكَ شَرٌّ لَكَ وَخَيْرٌ لَنَا، وَإِمَّا كَاذِبٌ، فَأَعْظَمُ الْكَاذِبِينَ فَضِيحَةً عِنْدَ اللَّهِ وَفِي النَّاسِ الْمُلُوكُ، وَأَمَّا الَّذِي يَدُلُّنَا عَلَيْهِ الرَّأْيُ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا أَضْرَرْتُمْ إِلَيْهِمْ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَكُمْ إِلَى رُعَاةِ الدَّجَاجِ وَالْخَنَازِيرِ.
فَجَزِعَ الْفُرْسُ مِنْ كِتَابِهِ، فَالْتَقَى الْمُثَنَّى وَهُرْمُزُ بِبَابِلَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَانَ فِيلُهُمْ يُفَرِّقُ الْمُسْلِمِينَ، فَانْتَدَبَ لَهُ الْمُثَنَّى وَمَعَهُ نَاسٌ فَقَتَلُوهُ، وَانْهَزَمَ الْفُرْسُ وَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمَدَائِنِ يَقْتُلُونَهُمْ. وَمَاتَ شَهْرِيرَانُ لَمَّا انْهَزَمَ هُرْمُزُ جَاذَوَيْهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ فَارِسَ، وَبَقِيَ مَا دُونَ دِجْلَةَ بِيَدِ الْمُثَنَّى.
ثُمَّ اجْتَمَعَتِ الْفُرْسُ عَلَى دُخْتَ زَنَانَ ابْنَةِ كِسْرَى، فَلَمْ يَنْفُذْ لَهَا أَمْرٌ وَخُلِعَتْ، وَمَلَكَ سَابُورُ بْنُ شَهْرِيرَانَ. فَلَمَّا مَلَكَ قَامَ بِأَمْرِهِ الْفَرُّخْزَادُ بْنُ الْبِنْذَوَانِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute