وَالْحِفْشُ: بَيْتٌ تَنْفَرِدُ فِيهِ النُّفَسَاءُ.
وَقَدِمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ فَأَخْبَرَهُمْ، فَأَطَافُوا بِهِ يَسْأَلُونَهُ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَسَاكِرَ مُعَسْكِرَةٌ مِنْ دَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَتَفَرَّقُوا وَتَحَلَّقُوا حِلَقًا، وَأَقْبَلَ عُمَرُ يُرِيدُ التَّسْلِيمَ عَلَى عَمْرٍو، فَمَرَّ عَلَى حِلْقَةٍ فِيهَا عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٌ. فَلَمَّا دَنَا عُمَرُ مِنْهُمْ سَكَتُوا، فَقَالَ: فِيمَ أَنْتُمْ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا أَخَوْفَنَا عَلَى قُرَيْشٍ مِنَ الْعَرَبِ! قَالُوا: صَدَقْتَ. قَالَ: فَلَا تَخَافُوهُمْ، أَنَا وَاللَّهِ مِنْكُمْ عَلَى الْعَرَبِ أَخْوَفُ مِنِّي مِنَ الْعَرَبِ عَلَيْكُمْ، وَاللَّهِ لَوْ تَدْخُلُونَ، مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، جُحْرًا لَدَخَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي آثَارِكُمْ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِيهِمْ.
وَمَضَى عُمَرُ، فَلَمَّا قُدِمَ بِقُرَّةَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَسِيرًا، اسْتَشْهَدَ بِعَمْرٍو عَلَى إِسْلَامِهِ، فَأَحْضَرَ أَبُو بَكْرٍ عَمْرًا فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ قُرَّةَ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى ذِكْرِ الزَّكَاةِ فَقَالَ قُرَّةُ: مَهْلًا يَا عَمْرُو! فَقَالَ: كَلَّا، وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ بِجَمِيعِهِ.
فَعَفَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَبِلَ إِسْلَامَهُ.
[ذِكْرُ بَنِي تَمِيمٍ وَسَجَاحَ]
وَأَمَّا بَنُو تَمِيمٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ فِيهِمْ عُمَّالَهُ، فَكَانَ الزِّبْرِقَانُ مِنْهُمْ، وَسَهْلُ بْنُ مِنْجَابٍ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ صَفْوَانَ، وَسَبْرَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَوَكِيعُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ. فَلَمَّا وَقَعَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَارَ صَفْوَانُ بْنُ صَفْوَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِصَدَقَاتِ بَنِي عَمْرٍو، وَأَقَامَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ يَنْظُرُ مَا الزِّبْرِقَانُ صَانِعٌ لِيُخَالِفَهُ، فَقَالَ حِينَ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الزِّبْرِقَانُ فِي عَمَلِهِ: وَاوَيْلَتَاهُ مِنِ ابْنِ الْعُكْلِيَّةِ! وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ، لَئِنْ أَنَا بَعَثْتُ بِالصَّدَقَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَبَايَعْتُهُ، لَيَنْحَرَنَّ مَا مَعَهُ فِي بَنِي سَعْدٍ، فَيُسَوِّدُنِي عِنْدَهُ، فَقَسَّمَهَا عَلَى الْمَقَاعِسِ وَالْبُطُونِ، وَوَافَى الزِّبْرِقَانُ فَاتَّبَعَ صَفْوَانَ بْنَ صَفْوَانَ بِصَدَقَاتِ عَوْفٍ وَالْأَبْنَاءِ، وَهَذِهِ بُطُونٌ مِنْ تَمِيمٍ. ثُمَّ نَدِمَ قَيْسٌ، فَلَمَّا أَظَلَّهُ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ أَخْرَجَ الصَّدَقَةَ فَتَلَقَّاهُ بِهَا، ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ وَتَشَاغَلَتْ تَمِيمٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute