للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٨٢ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ عَوْدِ الدَّيْلَمِ إِلَى الْمَوْصِلِ

كَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ قَدْ أَنْفَذَ أَبَا جَعْفَرٍ الْحَجَّاجَ بْنَ هُرْمُزَ فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ إِلَى الْمَوْصِلِ، فَمَلَكَهَا آخِرَ سَنَةٍ إِحْدَى وَثَمَانِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، فَاجْتَمَعَتْ عُقَيْلٌ، وَأَمِيرُهُمْ أَبُو الذَّوَّادِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَلَى حَرْبِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُمْ عِدَّةُ وَقَائِعَ ظَهَرَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ فِيهَا بِأْسٌ شَدِيدٌ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَضَعُ لَهُ كُرْسِيًّا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَهَابَهُ الْعَرَبُ، وَاسْتَمَدَّ مِنْ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا، فَأَمَدَّهُ بِالْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مَسِيرُهُ أَوَّلَ هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْعَسْكَرِ كَتَبَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَعَلِمَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ إِنْ قَبَضَ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْعَسْكَرُ، وَظَفِرَ بِهِ الْعَرَبُ، فَتَرَاجَعَ فِي أَمْرِهِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْمُعَلِّمِ كَانَ عَدُوًّا لَهُ، فَسَعَى بِهِ عِنْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَأَمَرَ بِقَبْضِهِ، كَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أُذُنًا يَسْمَعُ مَا يُقَالُ لَهُ وَيَفْعَلُ بِهِ، وَعَلِمَ الْوَزِيرُ الْخَبَرَ، فَشَرَعَ فِي صُلْحِ أَبِي الذُّوَّادِ وَأَخَذَ رَهَائِنَهُ وَالْعَوْدَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ بِاللَّحَاقِ بِأَبِي الذَّوَّادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ أَنَفَةً، وَحُسْنَ عَهْدٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَغْدَاذَ رَأَى ابْنَ الْمُعَلِّمِ قَدْ قُبِضَ وَقُتِلَ وَكُفِيَ شَرَّهُ.

وَلَمَّا أَتَاهُ خَبَرُ قَبْضِ ابْنِ الْمُعَلِّمِ وَقَتْلِهِ ظَهَرَ عَلَيْهِ الِانْكِسَارُ، فَقَالَ لَهُ خَوَاصُّهُ: مَا هَذَا الْهَمُّ وَقَدْ كُفِيتَ شَرَّ عَدُوِّكَ فَقَالَ: إِنَّ مَلِكًا قَرَّبَ رَجُلًا كَمَا قَرَّبَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ ابْنَ الْمُعَلِّمِ، ثُمَّ فَعَلَ بِهِ هَذَا، لَحَقِيقٌ بِأَنْ تُخَافَ مُلَابَسَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>