وَكَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ قَدْ أَرْسَلَ الشَّرِيفَ أَبَا أَحْمَدَ الْمُوسَوِيَّ رَسُولًا إِلَى أَبِي الذَّوَّادِ، فَأَسَرَهُ الْعَرَبُ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُ، فَوَرَدَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَانْحَدَرَ إِلَى بَغْدَاذَ.
ذِكْرُ تَسْلِيمِ الطَّائِعِ إِلَى الْقَادِرِ وَمَا فَعَلَهُ مَعَهُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، سَلَّمَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ الطَّائِعَ لِلَّهِ إِلَى الْقَادِرِ بِاللَّهِ، فَأَنْزَلَهُ حُجْرَةً مِنْ خَاصِّ حُجَرِهِ، وَوَكَّلَ بِهِ مَنْ ثِقَاتِ خَدَمِهِ مَنْ يَقُومُ بِخِدْمَتِهِ، وَأَحْسَنَ ضِيَافَتَهُ، وَكَانَ يَطْلُبُ الزِّيَادَةَ فِي الْخِدْمَةِ كَمَا كَانَ أَيَّامَ الْخِلَافَةِ، فَيُؤْمَرُ لَهُ بِذَلِكَ.
حُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْقَادِرَ بِاللَّهِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ طِيبًا فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَتَطَيَّبُ أَبُو الْعَبَّاسِ؟ يَعْنِي الْقَادِرَ، فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ: قُولُوا لَهُ عَنِّي: فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ كُنْدُوجٌ فِيهِ مِمَّا كُنْتُ أَسْتَعْمِلُهُ، فَلْيُرْسِلْ إِلَيَّ بَعْضَهُ وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ لِنَفْسِهِ. فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا الْقَادِرُ بِاللَّهِ عَدَسِيَّةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: عَدَسٌ وَسِلْقٌ، فَقَالَ: أَوَ قَدْ أَكَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ مِنْ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: قُولُوا لَهُ عَنِّي: لَمَّا أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ عَدَسِيَّةً لِمَ اخْتَفَيْتَ، فَمَا كَانَتِ الْعَدَسِيَّةُ تُعْوِزُكَ، وَلِمَ تَقَلَّدْتَ هَذَا الْأَمْرَ؟ فَأَمَرَ حِينَئِذٍ الْقَادِرُ أَنْ يُفْرَدَ لَهُ جَارِيَةٌ مِنْ طَبَّاخَاتِهِ تَطْبُخُ لَهُ مَا يَلْتَمِسُهُ كُلَّ يَوْمٍ، فَأَقَامَ عَلَى هَذَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَبَى الْحَسَنِ بْنِ الْمُعَلِّمِ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَخَدَمَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، حَتَّى الْوُزَرَاءُ، فَأَسَاءَ السِّيرَةَ مَعَ النَّاسِ، فَشَغَبَ الْجُنْدُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَشَكَوْا مِنْهُ، وَطَلَبُوا مِنْهُ تَسْلِيمَهُ إِلَيْهِمْ، فَرَاجَعَهُمْ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، وَوَعَدَهُمْ كَفَّ يَدِهِ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute