وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا قَصَدُوا بِلَادَ الْفُرْسِ مَا زَالَتِ الْفُرْسُ تَقُولُ لَهُمْ عِنْدَ مُرَاسَلَاتِهِمْ وَمُحَاوَرَاتِهِمْ فِي حُرُوبِهِمْ: كُنْتُمْ أَقَلَّ الْأُمَمِ وَأَذَلَّهَا وَأَحْقَرَهَا، وَالْعَرَبُ تُقِرُّ لَهُمْ بِذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ مُلْكُ تُبَّعٍ قَرِيبَ الْعَهْدِ لَقَالَتِ الْعَرَبُ: إِنَّنَا بِالْأَمْسِ قَتَلْنَا مَلِكَكُمْ، وَمَلَكْنَا بِلَادَكُمْ، وَاسْتَبَحْنَا حَرِيمَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، فَسُكُوتُ الْعَرَبِ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِقْرَارُهُمْ لِلْفُرْسِ دَلِيلٌ عَلَى بُعْدِ عَهْدِهِ أَوْ عَدَمِهِ، عَلَى أَنَّ الْفُرْسَ لَا تُقِرُّ بِذَلِكَ لَا فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ وَلَا فِي حَدِيثِهِ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُلْكَهُمْ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ عَهْدِ جِيُومَرْثَ، الَّذِي هُوَ آدَمُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ، إِلَّا أَيَّامَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ، وَكَانَ لِمُلُوكِ الْفُرْسِ طَرَفٌ مِنَ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَمْ يَنْقَطِعِ انْقِطَاعًا كُلِّيًّا، عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ السِّيَرِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي تُبَّعٍ الَّذِي سَارَ وَمَلَكَ الْبِلَادَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَقِيلَ: شِمْرُ بْنُ غَشٍّ، وَقِيلَ: تُبَّعُ أَسْعَدَ، وَأَنَّهُ بَعَثَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ شِمْرًا ذَا الْجَنَاحِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافَاتِ الَّتِي لَا طَائِلَ فِيهَا. وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي كَشْفِ الْخَطَأِ فِيهِ.
[ذِكْرُ مُلْكِ لَخِيعَةَ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute