[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَة]
٥٩٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ شِهَابِ الدِّينِ بَهَنْكَرَ وَغَيْرَهَا مِنْ بَلَدِ الْهِنْدِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ شِهَابُ الدِّينِ الْغُورِيُّ - صَاحِبُ غَزْنَةَ - إِلَى بَلَدِ الْهِنْدِ، وَحَصَرَ قَلْعَةَ بَهَنْكَرَ، وَهِيَ قَلْعَةٌ عَظِيمَةٌ مَنِيعَةٌ، فَحَصَرَهَا، فَطَلَبَ أَهْلُهَا مِنْهُ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ، فَأَمَّنَهُمْ وَتَسَلَّمَهَا، وَأَقَامَ عِنْدَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَرَتَّبَ جُنْدَهَا وَأَحْوَالَهَا وَسَارَ عَنْهَا إِلَى قَلْعَةِ كُوَالِيرَ، وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَفِي الطَّرِيقِ نَهْرٌ كَبِيرٌ فَجَازَهُ وَوَصَلَ إِلَى كُوَالِيرَ، وَهِيَ قَلْعَةٌ مَنِيعَةٌ حَصِينَةٌ عَلَى جَبَلٍ عَالٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ، وَلَا نُشَّابٌ، وَهِيَ كَبِيرَةٌ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا صَفَرًا جَمِيعَهُ يُحَاصِرُهَا، فَلَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا غَرَضًا، فَرَاسَلَهُ مَنْ بِهَا فِي الصُّلْحِ فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ يُقِرَّ الْقَلْعَةَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى مَالٍ يَحْمِلُونَهُ إِلَيْهِ، فَحَمَلُوا إِلَيْهِ فِيلًا حِمْلُهُ ذَهَبٌ، فَرَحَلَ عَنْهَا إِلَى بِلَادِ آيِ وَسُورٍ، فَأَغَارَ عَلَيْهَا وَنَهَبَهَا، وَسَبَى وَأَسَرَ مَا يَعْجِزُ الْعَادُّ عَنْ حَصْرِهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى غَزْنَةَ سَالِمًا.
ذِكْرُ مُلْكِ الْعَادِلِ مَدِينَةَ دِمَشْقَ مِنَ الْأَفْضَلِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، مَلَكَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ مَدِينَةَ دِمَشْقَ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ الْأَفْضَلِ عَلِيِّ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ.
وَكَانَ أَبْلَغُ الْأَسْبَابِ فِي ذَلِكَ وُثُوقَ الْأَفْضَلِ بِالْعَادِلِ، وَأَنَّهُ بَلَغَ مِنْ وُثُوقِهِ بِهِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ بَلَدَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ، وَلَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الظَّاهِرُ غَازِي - صَاحِبُ حَلَبَ - يَقُولُ لَهُ: أَخْرِجْ عَمَّنَا مِنْ بَيْنِنَا فَإِنَّهُ لَا يَجِيءُ عَلَيْنَا مِنْهُ خَيْرٌ، وَنَحْنُ نَدْخُلُ لَكَ تَحْتَ كُلِّ مَا تُرِيدُ، وَأَنَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْكَ، وَأَقْرَبُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ عَمِّي مِثْلُ مَا هُوَ عَمُّكَ، وَأَنَا زَوْجُ ابْنَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute