[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ]
٦٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ
ذِكْرُ وُثُوبِ الْمُخْتَارِ بِالْكُوفَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعَ الْأَوَّلِ وَثَبَ الْمُخْتَارُ بِالْكُوفَةِ وَأَخْرَجَ عَنْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ عَامِلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ لَمَّا قُتِلَ قَدِمَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا وَجَدُوا الْمُخْتَارَ مَحْبُوسًا قَدْ حَبَسَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْحَطَمِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَبْسِ يُثْنِي عَلَيْهِمْ وَيَمِينِّهِمُ الظَّفَرَ وَيُعَرِّفُهُمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، يَطْلُبُ الثَّأْرَ، فَقَرَأَ كِتَابَهُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ وَالْمُثَنَّى بْنُ مُخَرِّبَةَ الْعَبْدِيُّ وَسَعْدُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ وَيَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْأَحْمَسِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ بَعَثُوا إِلَيْهِ ابْنَ كَامِلٍ يَقُولُونَ لَهُ: إِنَّنَا بِحَيْثُ يَسُرُّكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ نَأْتِيَكَ وَنُخْرِجَكَ مِنَ الْحَبْسِ فَعَلْنَا. فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، فَسُّرَ بِذَلِكَ وَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي أَخْرُجُ فِي أَيَّامِي هَذِهِ.
وَكَانَ الْمُخْتَارُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّنِي قَدْ حُبِسْتُ مَظْلُومًا، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا ابْنُ عُمَرَ فِي أَمْرِهِ، فَشَفَّعَاهُ وَأَخْرَجَاهُ مِنَ السِّجْنِ وَضَمِنَاهُ، وَحَلَّفَاهُ أَنَّهُ لَا يَبْغِيهِمَا غَائِلَةً وَلَا يَخْرُجُ عَلَيْهِمَا مَا كَانَ لَهُمَا سُلْطَانٌ، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَلْفُ بَدَنَةٍ يَنْحَرُهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَمَمَالِيكُهُ أَحْرَارٌ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ.
فَلَمَّا خَرَجَ نَزَلَ بِدَارِهِ، فَقَالَ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ مَا أَحْمَقَهُمْ حِينَ يَرَوْنَ أَنِّي أَفِي لَهُمْ! أَمَّا حَلِفِي بِاللَّهِ فَإِنَّنِي إِذَا حَلَفْتُ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتُ خَيْرًا مِنْهَا (كَفَّرْتُ عَنْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute