[ذِكْرُ الْأَحْدَاثِ أَيَّامَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ فَمِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ عَلَيْهِ السَّلَامُ]
إِنَّمَا جَمَعْنَا هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِتَعَلُّقِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، فَنَقُولُ كَانَ عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَ آلُ مَاثَانَ رُءُوسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَحْبَارَهُمْ، وَكَانَ مُتَزَوِّجًا بِحَنَّةَ بَنْتِ فَاقُودَ، وَكَانَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ بَرْخِيَّا مُتَزَوِّجًا بِأُخْتِهَا إِيشَاعَ، وَقِيلَ: كَانَتْ إِيشَاعُ أُخْتَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، وَكَانَتْ حَنَّةُ قَدْ كَبِرَتْ وَعَجَزَتْ وَلَمْ تَلِدْ وَلَدًا، فَبَيْنَمَا هِيَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ أَبْصَرَتْ طَائِرًا يَزُقُّ فَرْخًا لَهُ فَاشْتَهَتِ الْوَلَدَ فَدَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَهَبَ لَهَا وَلَدًا وَنَذَرَتْ إِنْ يَرْزُقْهَا وَلَدًا أَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ سَدَنَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَخَدَمِهِ، فَحَرَّرَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، وَلَمْ تَعْلَمْ مَا هُوَ، وَكَانَ النَّذْرُ الْمُحَرَّرُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُجْعَلَ لِلْكَنِيسَةِ يَقُومُ بِخِدْمَتِهَا وَلَا يَبْرَحُ مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْحُلُمَ، فَإِذَا بَلَغَ خُيِّرَ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَقَامَ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ. وَلَمْ يَكُنْ يُحَرَّرُ إِلَّا الْغِلْمَانُ، لِأَنَّ الْإِنَاثَ لَا يَصْلُحْنَ لِذَلِكَ لِمَا يُصِيبُهُنَّ مِنَ الْحَيْضِ وَالْأَذَى.
ثُمَّ هَلَكَ عِمْرَانُ وَحَنَّةُ حَامِلٌ بِمَرْيَمَ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا إِذَا [هِيَ] أُنْثَى فَقَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦] فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute