[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ]
٢٠٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ الظَّفَرِ بِنَصْرِ بْنِ شَبَثٍ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ نَصْرَ بْنَ شَبَثٍ بِكَيْسُومَ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، حَتَّى طَلَبَ الْأَمَانَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَامِرِيُّ: قَالَ الْمَأْمُونُ لِثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ: أَلَا تَدُلُّنِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ لَهُ عَقْلٌ وَبَيَانٌ يُؤَدِّي (عَنِّي مَا أُوجِبُهُ إِلَى نَصْرٍ؟
قَالَ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَامِرِيُّ. فَأَمَرَ بِإِحْضَارِي فَحَضَرْتُ، فَكَلَّمَنِي بِكَلَامٍ أَمَرَنِي أَنَّ أُبَلِّغَهُ نَصْرًا، وَهُوَ بِكَفَرِ عَزُونَ، بِسَرُوجَ، فَأَبْلَغْتُهُ نَصْرًا، فَأَذْعَنَ وَشَرِطَ شُرُوطًا، مِنْهَا أَنْ لَا يَطَأَ بِسَاطَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ الْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: مَا بَالُهُ يَنْفِرُ مِنِّي؟ قُلْتُ: لِجُرْمِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
قَالَ: أَفَتَرَاهُ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنَ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَمِنْ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ؟ أَمَّا الْفَضْلُ فَأَخَذَ قُوَّادِي، وَأَمْوَالِي، وَسِلَاحِي، وَجَمِيعَ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّشِيدُ لِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى مُحَمَّدٍ أَخِي، وَتَرَكَنِي بِمَرْوَ فَرِيدًا وَحِيدًا، وَسَلَّمَنِي، وَأَفْسَدَ عَلَيَّ أَخِي حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، فَكَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا عِيسَى بْنُ أَبِي خَالِدٍ فَإِنَّهُ طَرَدَ خَلِيفَتِي مِنْ مَدِينَتِي وَمَدِينَةِ آبَائِي، وَذَهَبَ بِخَرَاجِي وَفَيْئِي، وَأَخْرَبَ دَارِي، وَأَقْعَدَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيفَةً دُونِي.
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute