[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ]
١٢٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ صُلْحِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ مَعَ الصُّغْدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ صَالَحَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الصُّغْدَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ خَاقَانَ لَمَّا قُتِلَ فِي وِلَايَةِ أَسَدٍ تَفَرَّقَتِ التُّرْكُ فِي غَارَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، فَطَمِعَ أَهْلُ الصُّغْدِ فِي الرَّجْعَةِ إِلَيْهَا، وَانْحَازَ قَوْمٌ مِنْهُمْ إِلَى الشَّاشِ، فَلَمَّا وَلِيَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى بِلَادِهِمْ وَأَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا، وَكَانُوا يَنَالُونَ شُرُوطًا أَنْكَرَهَا أُمَرَاءُ خُرَاسَانَ، مِنْهَا: أَنْ لَا يُعَاقَبَ مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُعَدَّى عَلَيْهِمْ فِي دَيْنٍ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا يُؤْخَذُ أُسَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِيهِمْ إِلَّا بِقَضِيَّةِ قَاضٍ وَشَهَادَةِ عُدُولٍ.
فَعَابَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَى نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وَقَالُوا لَهُ فِيهِ، فَقَالَ: لَوْ عَايَنْتُمْ شَوْكَتَهُمْ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ مَا عَايَنْتُ مَا أَنْكَرْتُمْ ذَلِكَ. وَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ وَدُخُولِ بَلْجٍ الْأَنْدَلُسِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّلُولِيُّ أَمِيرُ الْأَنْدَلُسِ، فَقِيلَ: بَلْ ثَارَ بِهِ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ فَخَلَعُوهُ وَوَلَّوْا بَعْدَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ قَطَنٍ، وَهِيَ وِلَايَتُهُ الثَّانِيَةُ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَتِ الْبَرْبَرُ قَدْ فَعَلَتْ بِإِفْرِيقِيَّةَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ حَصَرُوا بَلْجَ بْنَ بِشْرٍ الْعَبْسِيَّ حَتَّى ضَاقَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ الْأَمْرُ وَاشْتَدَّ الْحَصْرُ، وَهُمْ صَابِرُونَ إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَطَنٍ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرَاكِبَ يَجُوزُ فِيهَا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، وَذَكَرَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَأَنَّهُمْ أَكَلُوا دَوَابَّهُمْ. فَامْتَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ إِدْخَالِهِمُ الْأَنْدَلُسِ وَوَعَدَهُمْ بِإِرْسَالِ الْمَدَدِ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute