[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ]
٦٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ
ذِكْرُ مَسِيرِ مُسْلِمٍ لِحِصَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَوْتِهِ
فَلَمَّا فَرَغَ مُسْلِمٌ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَنَهْبِهَا، شَخَصَ بِمَنْ مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ، وَقِيلَ: اسْتَخْلَفَ عَمْرَو بْنَ مَخْرَمَةَ الْأَشْجَعِيَّ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمُشَلَّلِ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَقِيلَ: مَاتَ بِثَنِيَّةِ هَرْشَى، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَحْضَرَ الْحُصَيْنَ بْنَ النُّمَيْرِ وَقَالَ: يَا بْنَ بَرْذَعَةِ الْحِمَارِ! لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ مَا وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ، وَلَكِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَّاكَ.
خُذْ عَنِّي أَرْبَعًا: اسْرِعِ السَّيْرَ، وَعَجِّلِ الْمُنَاجَزَةَ، وَعَمِّ الْأَخْبَارَ، وَلَا تُمَكِّنْ قُرَشِيًّا مِنْ أُذُنِكَ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ قَطُّ بَعْدَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَلَا أَرْجَى عِنْدِي فِي الْآخِرَةِ.
فَلَمَّا مَاتَ سَارَ الْحُصَيْنُ بِالنَّاسِ فَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا وَأَهْلُ الْحِجَازِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَحِقَ بِهِ الْمُنْهَزِمُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ فِي النَّاسِ مِنَ الْخَوَارِجِ يَمْنَعُونَ الْبَيْتَ، وَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى لِقَاءِ أَهْلِ الشَّامِ وَمَعَهُ أَخُوهُ الْمُنْذِرُ، فَبَارَزَ الْمُنْذِرُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ضَرْبَةً مَاتَ مِنْهَا، ثُمَّ حَمَلَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَيْهِمْ حَمْلَةً انْكَشَفَ مِنْهَا أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَثَرَتْ بَغْلَةُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: تَعْسًا! ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute