للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَة]

٦١٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ

ذِكْرُ وَفَاةِ قَتَادَةَ أَمِيرِ مَكَّةَ وَمُلْكِ ابْنِهِ الْحَسَنِ وَقَتْلِ أَمِيرِ الْحَاجِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، تُوُفِّيَ قَتَادَةُ بْنُ إِدْرِيسَ الْعَلَوِيُّ، ثُمَّ الْحَسَنِيُّ، أَمِيرُ مَكَّةَ، حَرَسَهَا اللَّهُ، بِهَا، وَكَانَ عُمُرُهُ نَحْوَ تِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ قَدِ اتَّسَعَتْ مِنْ حُدُودِ الْيَمَنِ إِلَى مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ قَلْعَةُ يَنْبُعَ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَكَثُرَ عَسْكَرُهُ، وَاسْتَكْثَرَ مِنَ الْمَمَالِيكِ، وَخَافَهُ الْعَرَبُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ خَوْفًا عَظِيمًا.

وَكَانَ، فِي أَوَّلِ مُلْكِهِ، لَمَّا مَلَكَ مَكَّةَ، حَرَسَهَا اللَّهُ، حَسَنَ السِّيرَةِ أَزَالَ عَنْهَا الْعَبِيدَ الْمُفْسِدِينَ، وَحَمَى الْبِلَادَ، وَأَحْسَنَ إِلَى الْحُجَّاجِ، وَأَكْرَمَهُمْ، وَبَقِيَ كَذَلِكَ مُدَّةً، ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَسَاءَ السِّيرَةَ، وَجَدَّدَ الْمُكُوسَ بِمَكَّةَ، وَفَعَلَ أَفْعَالًا شَنِيعَةً، وَنَهْبَ الْحَاجَّ فِي بَعْضِ السِّنِينَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَلَمَّا مَاتَ مَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ آخَرُ اسْمُهُ رَاجِحٌ، مُقِيمٌ فِي الْعَرَبِ بِظَاهِرِ مَكَّةَ، يُفْسِدُ، وَيُنَازِعُ أَخَاهُ فِي مُلْكِ مَكَّةَ، فَلَمَّا سَارَ حَاجُّ الْعِرَاقِ كَانَ الْأَمِيرُ عَلَيْهِمْ مَمْلُوكًا مِنْ مَمَالِيكِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ اسْمُهُ أَقْبَاشُ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ مَعَ الْحَاجِّ فِي الطَّرِيقِ، كَثِيرَ الْحِمَايَةِ، فَقَصَدَهُ رَاجِحُ بْنُ قَتَادَةَ، وَبَذَلَ لَهُ وَلِلْخَلِيفَةِ مَالًا لِيُسَاعِدَهُ عَلَى مُلْكِ مَكَّةَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَوَصَلُوا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>