فَأَتَوْهُ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ رَجُلًا سِوَى مَنْ قَتَلُوهُ فِي غَارَاتِهِمْ فَقَتَلَهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْبَرَاجِمِ شَاعِرٌ لِيَمْدَحَهُ فَأَخَذَهُ لِيَقْتُلَهُ لِيُتِمَّ مِائَةً، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الشَّقِيَّ وَافِدُ الْبَرَاجِمِ "! فَذَهَبَتْ مَثَلًا.
وَقِيلَ: إِنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُحْرِقَهُمْ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مُحْرِقًا، فَأَحْرَقَ مِنْهُمْ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَجُلًا، وَاجْتَازَ رَجُلٌ مِنَ الْبَرَاجِمِ فَشَمَّ قُتَارَ اللَّحْمِ فَظَنَّ أَنَّ الْمَلِكَ يَتَّخِذُ طَعَامًا فَقَصَدَهُ. فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَنَا وَافِدُ الْبَرَاجِمِ. فَقَالَ: إِنَّ الشَّقِيَّ وَافِدُ الْبَرَاجِمِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُذِفَ فِي النَّارِ، فَقَالَ جَرِيرٌ لِلْفَرَزْدَقِ:
أَيْنَ الَّذِينَ بِنَارِ عَمْرٍو أُحْرِقُوا ... أَمْ أَيْنَ أَسْعَدُ فِيكُمُ الْمُسْتَرْضِعُ
وَصَارَتْ تَمِيمٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُعَيَّرُونَ بِحُبِّ الْأَكْلِ لِطَمَعِ الْبُرْجُمِيِّ فِي الْأَكْلِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إِذَا مَا مَاتَ مَيِّتٌ مِنْ تَمِيمٍ ... فَسَرَّكَ أَنْ يَعِيشَ فَجِئْ بِزَادِ
بِخُبْزٍ أَوْ بِلَحْمٍ أَوْ بِتَمْرٍ ... أَوِ الشَّيْءِ الْمُلَفَّقِ فِي الْبِجَادِ
تَرَاهُ يُنَقِّبُ الْبَطْحَاءَ حَوْلًا ... لِيَأْكُلَ رَأْسَ لُقْمَانَ بْنِ عَادِ
قِيلَ: دَخَلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا الشَّيْءُ الْمُلَفَّقُ فِي الْبِجَادِ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: السَّخِينَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَالسَّخِينَةُ: طَعَامٌ تُعَيَّرُ بِهِ قُرَيْشٌ كَمَا كَانَتْ تُعَيَّرُ تَمِيمٌ بِالْمُلَفَّقِ فِي الْبِجَادِ. قَالَ: فَلَمْ يُرَ مُتَمَازِحَانِ أَوْقَرَ مِنْهُمَا.
[ذِكْرُ قَتْلِ زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ وَخَالِدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كُلَابٍ وَالْحَارِثِ بْنِ ظَالِمٍ الْمُرِّيِّ وَذِكْرُ يَوْمِ الرَّحْرَحَانِ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute