[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ]
٤٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ
فِيهَا وَلَّى مُعَاوِيَةُ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيَّ الْبَصْرَةَ فِي أَوَّلِهَا حِينَ عَزَلَ ابْنَ عَامِرٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَاسْتَعْمَلَ الْحَارِثُ عَلَى شُرْطَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيَّ، فَبَقِيَ الْحَارِثُ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّاهَا زِيَادًا.
ذِكْرُ وِلَايَةِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ الْبَصْرَةَ
قَدِمَ زِيَادٌ الْكُوفَةَ فَأَقَامَ يَنْتَظِرُ إِمَارَتَهُ عَلَيْهَا، فَقِيلَ ذَلِكَ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَسَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَاسْتَقَالَهُ الْإِمَارَةَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَنَازِلَ بِقَرْقِيسْيَا لِيَكُونَ بَيْنَ قَيْسٍ، فَخَافَهُ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ لَهُ: لَتَرْجِعَنَّ إِلَى عَمَلِكَ. فَأَبَى، فَازْدَادَ مُعَاوِيَةُ تُهْمَةً لَهُ، فَرَدَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَعَادَ إِلَى الْكُوفَةِ لَيْلًا وَأَرْسَلَ إِلَى زِيَادٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ لَمْ يَسِرْ إِلَى الشَّامِ وَإِنَّمَا مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى زِيَادٍ، وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَوَلَّاهُ الْبَصْرَةَ وَخُرَاسَانَ وَسَجِسْتَانَ، ثُمَّ جَمَعَ لَهُ الْهِنْدَ وَالْبَحْرَيْنِ وَعُمَانَ، فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ آخِرَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَالْفِسْقُ ظَاهِرٌ فَاشٍ، فَخَطَبَهُمْ خُطْبَتَهُ الْبَتْرَاءَ، لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فِيهَا، وَقِيلَ: بَلْ حَمِدَ اللَّهَ فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِفْضَالِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَنَسْأَلُهُ مَزِيدًا مِنْ نِعَمِهِ، اللَّهُمَّ كَمَا زِدْتَنَا نِعَمًا فَأَلْهِمْنَا شُكْرًا عَلَى نِعَمِكَ عَلَيْنَا! أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجَهَالَةَ الْجَهْلَاءَ وَالضَّلَالَةَ الْعَمْيَاءَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute