للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

(٥٤٧)

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

ذِكْرُ مَلْكِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِجَايَةَ وَمُلْكِ بَنِي حَمَّادٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى بِجَايَةَ وَمَلَكَهَا، وَمَلَكَ جَمِيعَ مَمَالِكِ بَنِي حَمَّادٍ. وَكَانَ لَمَّا أَرَادَ قَصْدَهَا سَارَ مِنْ مَرَّاكُشَ إِلَى سَبْتَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً يُعَمِّرُ الْأُسْطُولَ، وَيَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ الْقَرِيبَةَ مِنْهُ.

وَأَمَّا مَا هُوَ عَلَى طَرِيقِهِ (إِلَى بِجَايَةَ مِنَ الْبِلَادِ) ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ لِيَتَجَهَّزُوا وَيَكُونُوا عَلَى الْحَرَكَةِ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُمْ، وَالنَّاسُ يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْعُبُورَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، فَأَرْسَلَ فِي قَطْعِ السَّابِلَةِ عَنْ بِلَادِ شَرْقِ الْمَغْرِبِ بَرًّا وَبَحْرًا.

وَسَارَ مِنْ سَبْتَةَ فِي صَفَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ وَطَوَى الْمَرَاحِلَ، وَالْعَسَاكِرُ تَلْقَاهُ فِي طَرِيقِهِ، فَلَمْ يَشْعُرْ أَهْلُ بِجَايَةَ إِلَّا وَهُوَ فِي أَعْمَالِهَا، وَكَانَ مَلِكُهَا يَحْيَى بْنُ الْعَزِيزِ بْنِ حَمَّادٍ آخِرَ مَلُّوكِ بَنِي حَمَّادٍ، وَكَانَ مُولَعًا بِالصَّيْدِ وَاللَّهْوِ لَا يَنْظُرُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ مَمْلَكَتِهِ، قَدْ حَكَمَ فِيهَا بَنُو حَمْدُونَ، فَلَمَّا اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِمَيْمُونَ بْنِ حَمْدُونَ جَمَعَ الْعَسْكَرَ وَسَارَ عَنْ بِجَايَةَ نَحْوَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، فَلَقِيَهُمْ مُقَدِّمَتُهُ، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، فَانْهَزَمَ أَهْلُ بِجَايَةَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَدَخَلَتْ مُقَدِّمَةُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِجَايَةَ قَبْلَ وَصُولِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِيَوْمَيْنِ، وَتَفَرَّقَ جَمِيعُ عَسْكَرِ يَحْيَى بْنِ الْعَزِيزِ، وَهَرَبُوا بَرًّا وَبَحْرًا، وَتَحَصَّنَ يَحْيَى بِقَلْعَةِ قُسَنْطِينَةِ الْهَوَاءِ، وَهَرَبَ أَخَوَاهُ الْحَارِثُ، وَعَبْدُ اللَّهِ إِلَى صِقِلِّيَةَ، وَدَخْلَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بِجَايَةَ، وَمَلَكَ جَمِيعَ بِلَادِ ابْنِ الْعَزِيزِ بِغَيْرِ قِتَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>