للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]

٤٨٨ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

ذِكْرُ دُخُولِ جَمْعٍ مِنَ التُّرْكِ إِفْرِيقِيَّةَ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَدَرَ شَاهْمُلْكِ التُّرْكِيُّ بِيَحْيَى بْنِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، وَقَبَضَ عَلَيْهِ.

وَكَانَ شَاهْمُلْكِ هَذَا مِنْ أَوْلَادِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ الْأَتْرَاكِ بِبِلَادِ الْمَشْرِقِ، فَنَالَهُ فِي بَلَدِهِ أَمْرٌ اقْتَضَى خُرُوجَهُ مِنْهُ، فَسَارَ إِلَى مِصْرَ فِي مِائَةِ فَارِسٍ، فَأَكْرَمَهُ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَأَعْطَاهُ إِقْطَاعًا وَمَالًا، ثُمَّ بَلَغَهُ عَنْهُ أَسْبَابٌ أَوْجَبَتْ إِخْرَاجَهُ مِنْ مِصْرَ، فَخَرَجَ هُوَ، وَأَصْحَابُهُ هَارِبِينَ، فَاحْتَالُوا حَتَّى أَخَذُوا سِلَاحًا، وَخَيْلًا، وَتَوَجَّهُوا إِلَى الْمَغْرِبِ، فَوَصَلُوا إِلَى طَرَابُلُسَ الْغَرْبَ، وَأَهْلُ الْبَلَدِ كَارِهُونَ لِوَالِيهَا، فَأَدْخَلُوهُمُ الْبَلَدَ، وَأَخْرَجُوا الْوَالِيَ، وَصَارَ شَاهْمُلْكِ أَمِيرَ الْبَلَدِ.

فَسَمِعَ تَمِيمٌ الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَ الْعَسَاكِرَ إِلَيْهَا، فَحَصَرُوهَا، وَضَيَّقُوا عَلَى التُّرْكِ فَفَتَحُوهَا، وَوَصَلَ شَاهْمُلْكِ مَعَهُمْ إِلَى الْمَهْدِيَّةِ، فَسُّرَ بِهِ تَمِيمٌ وَبِمَنْ مَعَهُ، وَقَالَ: وُلِدَ لِي مِائَةُ وَلَدٍ أَنْتَفِعُ بِهِمْ، وَكَانُوا لَا يُخْطِئُ لَهُمْ سَهْمٌ.

فَلَمْ تَطُلِ الْأَيَّامُ حَتَّى جَرَى مِنْهُمْ أَمْرٌ غَيَّرَ تَمِيمًا عَلَيْهِمْ، فَعَلِمَ شَاهْمُلْكِ ذَلِكَ، وَكَانَ دَاهِيًا، خَبِيثًا، فَخَرَجَ يَحْيَى بْنُ تَمِيمٍ إِلَى الصَّيْدِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ نَحْوَ مِائَةِ فَارِسٍ، وَمَعَهُ شَاهْمُلْكِ، وَكَانَ أَبُوهُ تَمِيمٌ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَقْرَبَ شَاهْمُلْكِ، فَلَمْ يَقْبَلْ. فَلَمَّا أَبْعَدُوا فِي طَلَبِ الصَّيْدِ غَدَرَ بِهِ شَاهْمُلْكِ فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَسَارَ بِهِ، وَبِمَنْ أُخِذَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى مَدِينَةِ سَفَاقُسَ.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ تَمِيمًا، فَرَكِبَ، وَسَيَّرَ الْعَسَاكِرَ فِي أَثَرِهِمْ، فَلَمْ يُدْرِكُوهُمْ، وَوَصَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>