الْهُرْمُزَانِ وَقَالَ: خَدَعْتَنِي، وَاللَّهِ لَا أَنْخَدِعُ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ. فَأَسْلَمَ، فَفَرَضَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ وَأَنْزَلَهُ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ الْمُتَرْجِمُ بَيْنَهُمَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَكَانَ يَفْقَهُ شَيْئًا مِنَ الْفَارِسِيَّةِ، إِلَى أَنْ جَاءَ الْمُتَرْجِمُ.
وَقَالَ عُمَرُ لِلْوَفْدِ: لَعَلَّ الْمُسْلِمِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الذِّمَّةِ فَلِهَذَا يَنْتَقِضُونَ بِكُمْ؟ قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلَّا وَفَاءً. قَالَ: فَكَيْفَ هَذَا؟ فَلَمْ يُشْفِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، إِلَّا أَنَّ الْأَحْنَفَ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ نَهَيْتَنَا عَنِ الِانْسِيَاحِ فِي الْبِلَادِ، وَإِنَّ مَلِكَ فَارِسَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَنَا مَا دَامَ مَلِكُهُمْ فِيهِمْ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ مَلِكَانِ مُتَّفِقَانِ حَتَّى يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ أَنَّا لَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إِلَّا بِانْبِعَاثِهِمْ وَغَدْرِهِمْ، وَأَنَّ مَلِكَهُمْ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُمْ، وَلَا يَزَالُ هَذَا دَأْبَهُمْ حَتَّى تَأْذَنَ لَنَا بِالِانْسِيَاحِ فَنَسِيحَ فِي بِلَادِهِمْ وَنُزِيلَ مُلْكَهُمْ، فَهُنَالِكَ يَنْقَطِعُ رَجَاءُ أَهْلِ فَارِسَ. فَقَالَ: صَدَقْتَنِي وَاللَّهِ! وَنَظَرَ فِي حَوَائِجِهِمْ وَسَرَّحَهُمْ، وَأَتَى عُمَرَ الْكِتَابُ بِاجْتِمَاعِ أَهْلِ نَهَاوَنْدَ، فَأَذِنَ فِي الِانْسِيَاحِ فِي بِلَادِ الْفُرْسِ.
(وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ شَهِيدًا عَلَى تُسْتَرَ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ) .
(أَرْبُكُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفِي آخِرِهِ كَافٌ، مَوْضِعٌ عِنْدَ الْأَهْوَازِ.
[ذكر فَتْحِ السُّوسِ]
قِيلَ: وَلَمَّا نَزَلَ أَبُو سَبْرَةَ عَلَى السُّوسِ، وَبِهَا شَهْرَيَارُ أَخُو الْهُرْمُزَانِ أَحَاطَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا وَنَاوَشُوهُمُ الْقِتَالَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُصِيبُ أَهْلُ السُّوسِ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمُ الرُّهْبَانُ وَالْقِسِّيسُونَ فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ إِنْ مِمَّا عَهِدَ إِلَيْنَا عُلَمَاؤُنَا أَنَّهُ لَا يَفْتَحُ السُّوسَ إِلَّا الدَّجَّالُ أَوْ قَوْمٌ فِيهِمُ الدَّجَّالُ، فَإِنْ كَانَ فِيكُمْ فَسَتَفْتَحُونَهَا.
وَسَارَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْبَصْرَةِ مِنَ السُّوسِ، وَصَارَ مَكَانَهُ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِالسُّوسِ الْمُقْتَرِبُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَاجْتَمَعَ الْأَعَاجِمُ بِنَهَاوَنْدَ، وَالنُّعْمَانُ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ مُحَاصِرًا أَهْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute