[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
٤٤٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ فِتْنَةِ الْأَتْرَاكِ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ كَانَتْ فِتْنَةُ الْأَتْرَاكِ بِبَغْدَاذَ.
وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّهُمْ تَخَلَّفَ لَهُمْ عَلَى الْوَزِيرِ الَّذِي لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ مَبْلَغٌ كَثِيرٌ مِنْ رُسُومِهِمْ، فَطَالَبُوهُ وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ، فَاخْتَفَى فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَحَضَرَ الْأَتْرَاكُ بِالدِّيوَانِ وَطَالَبُوهُ، وَشَكَوْا مَا يَلْقَوْنَهُ مِنْهُ مِنَ الْمِطَالِ بِمَالِهِمْ، فَلَمْ يُجَابُوا إِلَى إِظْهَارِهِ، فَعَدَلُوا عَنِ الشَّكْوَى مِنْهُ إِلَى الشَّكْوَى مِنَ الدِّيوَانِ، وَقَالُوا: إِنَّ أَرْبَابَ الْمُعَامَلَاتِ قَدْ سَكَنُوا بِالْحَرِيمِ، وَأَخَذُوا اأَمْوَالَ، وَإِذَا طَلَبْنَاهُمْ بِهَا يَمْتَنِعُونَ بِالْمُقَامِ بِالْحَرِيمِ، وَانْتَصَبَ الْوَزِيرُ وَالْخَلِيفَةُ لِمَنْعِنَا عَنْهُمْ، وَقَدْ هَلَكْنَا.
فَتَرَدَّدَ الْخِطَابُ مِنْهُمْ وَالْجَوَابُ عَنْهُ، فَقَامُوا نَافِرِينَ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ظَهَرَ الْخَبَرُ أَنَّهُمْ عَلَى عَزْمِ حَصْرِ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَأَخْفَوْا أَمْوَالَهُمْ، وَحَضَرَ الْبَسَاسِيرِيُّ دَارَ الْخِلَافَةِ، وَتَوَصَّلَ إِلَى مَعْرِفَةِ خَبَرِ الْوَزِيرِ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ، فَطُلِبَ مِنْ دَارِهِ وَدُورِ مَنْ يُتَّهَمُ بِهِ، وَكُبِسَتِ الدُّورُ فَلَمْ يَظْهَرُوا لَهُ عَلَى خَبَرٍ.
وَرَكِبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ إِلَى دَارِ الرُّومِ فَنَهَبُوهَا، وَأَحْرَقُوا الْبِيَعَ وَالْقَلَّايَاتِ، وَنَهَبُوا فِيهَا دَارَ أَبِي الْحَسَنِ بْنَ عُبَيْدٍ وَزِيرَ الْبَسَاسِيرِيِّ.
وَقَامَ أَهْلُ نَهْرِ الْمُعَلَّى وَبَابِ الْأَزَجِّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمَحَالِّ فِي مَنَافِذِ الدُّرُوبِ - لِمَنْعِ الْأَتْرَاكِ، وَانْخَرَقَ الْأَمْرُ، وَنَهَبَ الْأَتْرَاكُ كُلَّ مَنْ وَرَدَ إِلَى بَغْدَاذَ، (فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute