[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
٤٨٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ يُوسُفَ بْنِ آبِقَ وَالْمِجَنِّ الْحَلَبِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، قُتِلَ يُوسُفُ بْنُ آبِقَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ سَيَّرَهُ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشْ إِلَى بَغْدَاذَ، وَنَهَبَ سَوَادَهَا.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ كَانَ بِحَلَبَ، بَعْدَ قَتْلِ تَاجِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ بِحَلَبَ إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ الْمِجَنُّ، وَهُوَ رَئِيسُ الْأَحْدَاثِ بِهَا، وَلَهُ أَتْبَاعٌ كَثِيرُونَ، فَحَضَرَ عِنْدَ جَنَاحِ الدَّوْلَةِ حُسَيْنٍ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ يُوسُفَ بْنَ آبِقَ يُكَاتِبُ يَاغِي سِيَانَ، وَهُوَ عَلَى عَزْمِ الْفَسَادِ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي قَتْلِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَطَلَبَ أَنْ يُعِينَهُ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَجْنَادِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَقَصَدَ الْمِجَنُّ الدَّارَ الَّتِي بِهَا يُوسُفُ، فَكَبَسَهَا مِنَ الْبَابِ وَالسَّطْحِ، وَأَخَذَ يُوسُفَ فَقَتَلَهُ، وَنَهَبَ كُلَّ مَا كَانَ فِي دَارِهِ، وَبَقِيَ بِحَلَبَ حَاكِمًا، فَحَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِالتَّفَرُّدِ بِالْحُكْمِ عَنِ الْمَلِكِ رِضْوَانَ، فَقَالَ لِجَنَاحِ الدَّوْلَةِ: إِنَّ الْمَلِكَ رِضْوَانَ أَمَرَنِي بِقَتْلِكَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ، فَهَرَبَ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ إِلَى حِمْصَ، وَكَانَتْ لَهُ، فَلَمَّا انْفَرَدَ الْمِجَنُّ بِالْحُكْمِ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ رِضْوَانُ، وَأَرَادَ مِنْهُ أَنْ يُفَارِقَ الْبَلَدَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَرَكِبَ فِي أَصْحَابِهِ، (فَلَوْ هَمَّ) بِالْمُحَارِبَةِ لَفَعَلَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَنْهَبُوا مَالَهُ، وَأَثَاثَهُ، وَدَوَابَّهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَاخْتَفَى، فَطُلِبَ فَوُجِدَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأُخِذَ وَعُوقِبَ وَعُذِّبَ، ثُمَّ قُتِلَ هُوَ وَأَوْلَادُهُ، وَكَانَ مِنَ السَّوَادِ يَشُقُّ الْخَشَبَ، ثُمَّ بَلَغَ هَذِهِ الْحَالَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute