[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَة]
٥٩٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ خُوَارِزْمَ شَاهْ مَا كَانَ أَخَذَهَ الْغُورِيَّةُ مِنْ بِلَادِهِ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] مُلْكَ غِيَاثِ الدِّينِ وَأَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ مَا كَانَ لِخُوَارِزْمَ شَاهْ مُحَمَّدِ بْنِ تُكُشَ بِخُرَاسَانَ، وَمَرْوَ، وَنَيْسَابُورَ، وَغَيْرِهَا، وَعَوْدَهُمَا عَنْهَا بَعْدَ أَنْ أَقْطَعَا الْبِلَادَ، وَمَسِيرَ شِهَابِ الدِّينِ إِلَى الْهِنْدِ، فَلَمَّا اتَّصَلَ بِخُوَارِزْمَ شَاهْ عَلَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ تُكُشَ عَوَّدَ الْعَسَاكِرَ الْغُورِيَّةَ عَنْ خُرَاسَانَ، وَدُخُولَ شِهَابِ الدِّينِ الْهِنْدَ، أَرْسَلَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يُعَاتِبُهُ، وَيَقُولُ: كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنْ تَخْلُفَ عَلَيَّ بَعْدَ أَبِي، وَأَنْ تَنْصُرَنِي عَلَى الْخَطَا، وَتَرُدَّهُمْ عَنْ بِلَادِي، فَحَيْثُ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا تُؤْذِيَنِي وَتَأْخُذَ بِلَادِي، وَالَّذِي أُرِيدُهُ أَنْ تُعِيدَ مَا أَخَذْتَهُ مِنِّي إِلَيَّ، وَإِلَّا اسْتَنْصَرْتُ عَلَيْكَ بِالْخَطَا وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَتْرَاكِ، إِنْ عَجَزْتُ عَنْ أَخْذِ بِلَادِي، فَإِنَّنِي إِنَّمَا شَغَلَنِي عَنْ مَنْعِكُمْ عَنْهَا الِاشْتِغَالُ بِعَزَاءِ وَالِدِي وَتَقْرِيرُ أَمْرِ بِلَادِي، وَإِلَّا فَمَا أَنَا عَاجِزٌ عَنْكُمْ وَعَنْ أَخْذِ بِلَادِكُمْ بِخُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا، فَغَالَطَهُ غِيَاثُ الدِّينِ فِي الْجَوَابِ لِتَمْتَدَّ الْأَيَّامُ بِالْمُرَاسَلَاتِ، وَيَخْرُجَ أَخُوهُ شِهَابُ الدِّينِ مِنَ الْهِنْدِ بِالْعَسَاكِرِ، فَإِنَّ غِيَاثَ الدِّينِ كَانَ عَاجِزًا بِاسْتِيلَاءِ النِّقْرِسِ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا وَقَفَ خُوَارِزْمُ شَاهْ عَلَى رِسَالَةِ غِيَاثِ الدِّينِ أَرْسَلَ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ الْغُورِي نَائِبِ غِيَاثِ الدِّينِ بِخُرَاسَانَ، يَأْمُرُهُ بِالرَّحِيلِ عَنْ نَيْسَابُورَ، وَيَتَهَدَّدُهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَكَتَبَ عَلَاءُ الدِّينِ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ بِذَلِكَ، وَيُعَرِّفُهُ مَيْلَ أَهْلِ الْبَلَدِ إِلَى الْخُوَارِزْمِيِّينَ فَأَعَادَ غِيَاثُ الدِّينِ جَوَابَهُ يُقَوِّي قَلْبَهُ، وَيَعِدُهُ النُّصْرَةَ وَالْمَنْعَ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute