[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
(٥٢٨)
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ مُلْكِ شَمْسِ الْمُلُوكِ شَقِيفَ تِيرُونَ وَنَهْبِهِ بَلَدَ الْفِرِنْجِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ سَارَ شَمْسُ الْمُلُوكِ إِسْمَاعِيلُ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى شَقِيفِ تِيرُونَ وَهُوَ فِي الْجَبَلِ الْمُطِلِّ عَلَى بَيْرُوتَ وَصَيْدَا، وَكَانَ بِيَدِ الضَّحَّاكِ بْنِ جَنْدَلٍ رَئِيسِ وَادِي الْتَّيْمِ، قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ بِهِ، فَتَحَامَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْفِرِنْجُ، يَحْتَمِي عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ بِالْأُخْرَى، فَسَارَ شَمْسُ الْمُلُوكِ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْمُحَرَّمِ، وَعَظُمَ أَخْذُهُ عَلَى الْفِرِنْجِ ; لِأَنَّ الضَّحَّاكَ كَانَ لَا يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ بِلَادِهِمُ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ، فَخَافُوا شَمْسَ الْمُلُوكِ، فَشَرَعُوا فِي جَمْعِ عَسَاكِرِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ سَارُوا إِلَى بَلَدِ حَوْرَانَ، فَخَرَّبُوا أُمَّهَاتِ الْبَلَدِ، وَنَهَبُوا مَا أَمْكَنَهُمْ نَهْبَهُ نُهْبَةً عَظِيمَةً.
وَكَانَ شَمْسُ الْمُلُوكِ، لَمَّا رَآهُمْ يَجْتَمِعُونَ جَمَعَ هُوَ أَيْضًا، وَحَشَدَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ التُّرْكُمَانِ وَغَيْرِهِمْ، فَنَزَلَ بِإِزَاءِ الْفِرِنْجِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُنَاوَشَةٌ عِدَّةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ شَمْسَ الْمُلُوكِ نَهَضَ بِبَعْضِ عَسْكَرِهِ، وَجَعَلَ الْبَاقِيَ قُبَالَةً الْفِرِنْجِ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَقَصَدَ بِلَادَهُمْ طَبَرِيَّةَ، وَالنَّاصِرَةَ، وَعَكَّا وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنِ الْبِلَادِ، فَنَهَبُ وَخَرَّبَ وَأَحْرَقَ وَأَهْلَكَ أَكْثَرَ الْبِلَادِ وَسَبَى النِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ، وَامْتَلَأَتْ أَيْدِي مَنْ مَعَهُ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِالْفِرِنْجِ، فَانْزَعَجُوا، وَرَحَلُوا فِي الْحَالِ لَا يَلْوِي أَخٌ عَلَى أَخِيهِ، وَطَلَبُوا بِلَادَهُمْ.
وَأَمَّا شَمْسُ الْمُلُوكِ فَإِنَّهُ عَادَ إِلَى عَسْكَرِهِ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَهُ الْفِرِنْجُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute