فَوَصَلَ سَالِمًا، وَوَصَلَ الْفِرِنْجُ إِلَى بِلَادِهِمْ، وَرَأَوْهَا خَرَابًا فَفَتَّ فِي أَعَضَادِهِمْ وَتَفَرَّقُوا، وَرَاسَلُوا فِي تَجْدِيدِ الْهُدْنَةِ فَتَمَّ ذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِلسَّنَةِ.
ذِكْرُ عَوْدِ الْمَلِكِ طُغْرُلَ إِلَى الْجَبَلِ وَانْهِزَامِ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ الْمَلِكُ طُغْرُلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ مَلِكُ بِلَادِ الْجَبَلِ جَمِيعِهَا، وَأَجْلَى عَنْهَا أَخَاهُ السُّلْطَانَ مَسْعُودًا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مَسْعُودًا لَمَّا عَادَ مِنْ حَرْبِ أَخِيهِ بَلَغَهُ عِصْيَانُ دَاوُدَ ابْنِ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ بِأَذْرَبِيجَانَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَحَصَرَهُ بِقَلْعَةِ رُوئِينَ دَزْ، وَكَانَ قَدْ تَحَصَّنَ بِهَا، وَاشْتَغَلَ بِحَصْرِهِ، فَجَمَعَ الْمَلِكُ طُغْرُلُ الْعَسَاكِرَ، وَمَالَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَفْتَحُ الْبِلَادَ، فَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُ، وَقَصَدَ مَسْعُودًا، فَلَمَّا قَارَبَ قَزْوِينَ سَارَ مَسْعُودٌ نَحْوَهُ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْعَسْكَرَانِ فَارَقَ مَسْعُودًا مِنْ أُمَرَائِهِ مَنْ كَانَ قَدِ اسْتَمَالَهُ طُغْرُلُ فَبَقِيَ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَوَلَّى مُنْهَزِمًا أَوَاخِرَ رَمَضَانَ.
وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ فِي الْقُدُومِ [إِلَى] بَغْدَادَ، فَأَذِنَ لَهُ، وَكَانَ نَائِبَهُ بِأَصْفَهَانَ أُلْبُقْشُ السِّلَاحِيُّ، وَمَعَهُ الْمَلِكُ سَلْجُوقْشَاهْ، فَلَمَّا سَمِعَ بِانْهِزَامِ مَسْعُودٍ قَصَدَ بَغْدَادَ أَيْضًا، فَنَزَلَ سَلْجُوقْشَاهْ بِدَارِ السُّلْطَانِ، فَأَكْرَمَهُ الْخَلِيفَةُ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، ثُمَّ قَصَدَ مَسْعُودٌ بَغْدَادَ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ رُكَّابُ جِمَالٍ ;لِعَدَمٍ مَا يَرْكَبُونَهُ، وَلَقِيَ فِي طَرِيقَهِ شِدَّةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الدَّوَابَّ، وَالْخِيَامَ، وَالْآلَاتِ، وَغَيْرَهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالثِّيَابِ، فَدَخَلَ الدَّارَ السُّلْطَانِيَّةَ بِبَغْدَادَ مُنْتَصَفَ شَوَّالٍ، وَأَقَامَ طُغْرُلُ بِهَمَذَانَ.
ذِكْرُ حَصْرِ أَتَابَكْ زَنْكِي آمِدَ، وَالْحَرْبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
دَاوُدَ، وَمُلْكِ زَنْكِي قَلْعَةَ الصُّورِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَ أَتَابَكْ زَنْكِي صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَتَمُرْتَاشُ صَاحِبُ مَارِدِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute