أَلَا أَبْلِغْ أَبَا قَيْسٍ رَسُولًا ... إِذَا أَلْقَى لَهَا سَمْعًا تُبِينُ
فَلَسْتُ لِحَاصِنٍ إِنْ لَمْ تَزُرْكُمْ ... خِلَالَ الدَّارِ مُسْبِلَةٌ طَحُونُ
يَدِينُ لَهَا الْعَزِيزُ إِذَا رَآهَا ... وَيَهْرُبُ مِنْ مَخَافَتِهَا الْقَطِينُ
تَشِيبُ النَّاهِدُ الْعَذْرَاءُ مِنْهَا ... وَيَسْقُطُ مِنْ مَخَافَتِهَا الْجَنِينُ
يَطُوفُ بِكُمْ مِنَ النَّجَّارِ أُسْدٌ ... كَأُسْدِ الْغِيلِ مَسْكَنُهَا الْعَرِينُ
يَظَلُّ اللَّيْثُ فِيهَا مُسْتَكِينًا ... لَهُ فِي كُلِّ مُلْتَفَتٍ أَنِينُ
كَأَنَّ بَهَاءَهَا لِلنَّاظِرِيهَا ... مِنَ الْأَثْلَاتِ وَالْبِيضِ الْفَتِينُ
كَأَنَّهُمُ مِنَ الْمَاذِي عَلَيْهِمْ ... جَمَالٌ حِينَ يَجْتَلِدُونَ جُونُ
فَقَدْ لَاقَاكَ قَبْلَ بُعَاثَ قَتْلٌ ... وَبَعْدَ بُعَاثَ ذُلٌّ مُسْتَكِينُ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ أَيْضًا.
[يَوْمُ الْفِجَارِ الثَّانِي لِلْأَنْصَارِ]
كَانَتِ الْأَوْسُ قَدْ طَلَبَتْ مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ أَنْ يُحَالِفُوهُمْ عَلَى الْخَزْرَجِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْخَزْرَجَ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ يُؤْذِنُونَهُمْ بِالْحَرْبِ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّا لَا نُرِيدُ ذَلِكَ فَأَخَذَتِ الْخَزْرَجُ رَهْنَهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ، وَهُمْ أَرْبَعُونَ غُلَامًا مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ بْنَ فُسْحُمَ شَرِبَ يَوْمًا فَسَكِرَ فَتَغَنَّى بِشِعْرٍ يَذْكُرُ فِيهِ ذَلِكَ:
هَلُمَّ إِلَى الْأَحْلَافِ إِذْ رَقَّ عَظْمُهُمْ ... وَإِذْ أَصْلَحُوا مَالًا لِجِذْمَانَ ضَائِعَا
إِذَا مَا امْرُؤٌ مِنْهُمْ أَسَاءَ عِمَارَةً ... بَعَثْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ بَنِي الْعِيرِ جَادِعَا
فَأَمَّا الصَّرِيخُ مِنْهُمُ فَتَحَمَّلُوا ... وَأَمَّا الْيَهُودُ فَاتَّخَذْنَا بَضَائِعَا
أَخَذْنَا مِنَ الْأُولَى الْيَهُودَ عِصَابَةً ... لِغَدْرِهِمِ كَانُوا لَدَيْنَا وَدَائِعَا