[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَة]
٦١٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ قَتْلِ مَنْكِلِي وَوِلَايَةِ إِيدَغْمَشَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنَ الْمَمَالِكِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى، انْهَزَمَ مَنْكِلِي، صَاحِبُ هَمَذَانَ وَأَصْفَهَانَ وَالرَّيِّ وَمَا بَيْنَهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَمَضَى هَارِبًا، فَقُتِلَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ مَلَكَ الْبِلَادَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَتَلَ إِيدَغْمَشَ، فَأُرْسِلَ إِلَيْهِ مِنَ الدِّيوَانِ الْخَلِيفِيِّ رَسُولٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ أَوْحَشَ الْأَمِيرَ أَوْزَبْكَ بْنَ الْبَهْلَوَانِ، صَاحِبَ أَذْرَبِيجَانَ، وَهُوَ صَاحِبُهُ وَمَخْدُومُهُ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِ يُحَرِّضُهُ عَلَى مَنْكِلِي وَيَعِدُهُ النُّصْرَةَ، وَأَرْسَلَ أَيْضًا إِلَى جَلَالِ الدِّينِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، صَاحِبِ قِلَاعِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ بِبِلَادِ الْعَجَمِ، أَلَمَوْتَ وَغَيْرِهَا، يَأْمُرُهُ بِمُسَاعَدَةِ أَوْزَبْكَ عَلَى قِتَالِ مَنْكِلِي، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْخَلِيفَةِ بَعْضُ الْبِلَادِ، وَلِأَوْزَبْكَ بَعْضُهَا، وَيُعْطَى جَلَالُ الدِّينِ بَعْضَهَا، فَلَمَّا اسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ جَهَّزَ الْخَلِيفَةُ عَسْكَرًا كَثِيرًا، وَجَعَلَ مُقَدَّمَهُمْ مَمْلُوكَهُ مُظَفَّرَ الدِّينِ سُنْقُرَ، الْمُلَقَّبُ بِوَجْهِ السَّبُعِ، وَأَرْسَلَ إِلَى مُظَفَّرِ الدِّينِ كُوكُبْرِي بْنِ زَيْنِ الدِّينِ عَلِيٍّ كُوجَكَ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَشَهْرَزُورَ وَأَعْمَالِهَا، يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْضُرَ بِعَسَاكِرِهِ، وَيَكُونُ مُقَدَّمَ الْعَسَاكِرِ جَمِيعِهَا، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ فِي الْحَرْبِ.
فَحَضَرَ، وَحَضَرَ مَعَهُ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ وَدِيَارِ الْجَزِيرَةِ، وَعَسْكَرُ حَلَبَ، فَاجْتَمَعَتْ عَسَاكِرُ كَثِيرَةٌ، وَسَارُوا إِلَى هَمَذَانَ، فَاجْتَمَعَتِ الْعَسَاكِرُ كُلُّهَا فَانْزَاحَ مَنْكِلِي مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَتَعَلَّقَ بِالْجِبَالِ، وَتَبِعُوهُ، فَنَزَلُوا بِسَفْحِ جَبَلٍ هُوَ فِي أَعْلَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدِينَةِ كَرَجَ، وَضَاقَتِ الْمِيرَةُ وَالْأَقْوَاتُ عَلَى الْعَسْكَرِ الْخَلِيفِيِّ جَمِيعِهِ وَمَنْ مَعَهُمْ، فَلَوْ أَقَامَ مَنْكِلِي بِمَوْضِعِهِ لَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمَقَامُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، لَكِنَّهُ طَمِعَ فَنَزَلَ بِبَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute