[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ]
٩٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْضَ الرُّومِ، فَفَتَحَ حُصُونًا ثَلَاثَةً، وَجَلًّا أَهْلَ سُوسَنَةَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ.
ذِكْرُ فَتْحِ الْأَنْدَلُسِ
وَفِيهَا غَزَا طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ مَوْلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الْأَنْدَلُسَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فِلْقَيْ مَلِكَ الْأَنْدَلُسِ، وَاسْمُهُ أَذْرِينُوقُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَهُمْ مُلُوكِ عَجَمِ الْأَنْدَلُسِ، فَزَحَفَ لَهُ طَارِقٌ بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ، وَزَحَفَ الْأَذْرِينُوقُ وَعَلَيْهِ تَاجُهُ وَجَمِيعُ الْحِلْيَةِ الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا الْمُلُوكُ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ الْأَذْرِينُوقُ، وَفُتِحَ الْأَنْدَلُسُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ.
هَذَا جَمِيعُهُ ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي فَتْحِ الْأَنْدَلُسِ، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ الْعَظِيمِ وَالْفَتْحِ الْمُبِينِ لَا يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ، وَأَنَا أَذْكُرُ فَتْحَهَا عَلَى وَجْهٍ أَتَمَّ مِنْ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ تَصَانِيفِ أَهْلِهَا، إِذْ هُمْ أَعْلَمُ بِبِلَادِهِمْ.
قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ سَكَنَهَا قَوْمٌ يُعْرَفُونَ بِالْأَنْدَلُشِ، بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ، فَسُمِّيَ الْبَلَدُ بِهِمْ، ثُمَّ عُرِّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ، وَالنَّصَارَى يُسَمُّونَ الْأَنْدَلُسَ أَشْبَانِيَّةَ، بِاسْمِ رَجُلٍ صُلِبَ فِيهَا يُقَالُ لَهُ: أَشْبَانِسُ، وَقِيلَ: بِاسْمِ مَلِكٍ كَانَ بِهَا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ اسْمُهُ إِشْبَانُ بْنُ طِيطَسَ، وَهَذَا هُوَ اسْمُهَا عِنْدَ بَطْلَيْمُوسَ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِأَنْدَلُسَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمَّرَهَا.
قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَكَنَ الْأَنْدَلُسَ بَعْدَ الطُّوفَانِ قَوْمٌ يُعْرَفُونَ بِالْأَنْدَلُسِ، فَعَمَرُوهَا وَتَدَاوَلُوا مُلْكَهَا دَهْرًا طَوِيلًا، وَكَانُوا مَجُوسًا، ثُمَّ حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ، وَتَوَالَى عَلَيْهِمُ الْقَحْطُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute