وَأَرْسَلَ سَرِيَّةً إِلَى كَنِيسَةٍ بِالْغُوطَةِ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَسَبَوُا النِّسَاءَ وَسَاقُوا الْعِيَالَ إِلَى خَالِدٍ. ثُمَّ سَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى بُصْرَى، فَقَاتَلَ مَنْ بِهَا فَظَفِرَ بِهِمْ وَصَالَحَهُمْ، فَكَانَتْ بُصْرَى أَوَّلَ مَدِينَةٍ فُتِحَتْ بِالشَّامِ عَلَى يَدِ خَالِدٍ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ.
وَبَعَثَ بِالْأَخْمَاسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ سَارَ فَطَلَعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي رَبِيعِ الْآخَرِ، وَطَلَعَ بَاهَانُ عَلَى الرُّومِ وَمَعَهُ الشَّمَامِسَةُ وَالْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ يُحَرِّضُونَ الرُّومَ عَلَى الْقِتَالِ، وَخَرَجَ بَاهَانُ كَالْمُعْتَذِرِ، فَوَلِيَ خَالِدٌ قِتَالَهُ، وَقَاتَلَ الْأُمَرَاءُ مَنْ بِإِزَائِهِمْ، وَرَجَعَ بَاهَانُ وَالرُّومُ إِلَى خَنْدَقِهِمْ وَقَدْ نَالَ مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ.
(عَمِيرَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ) .
[ذِكْرُ وَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ]
فَلَمَّا تَكَامَلَ جَمْعُ الْمُسْلِمِينَ بِالْيَرْمُوكِ، وَكَانُوا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قَدِمَ خَالِدٌ فِي تِسْعَةِ آلَافٍ، فَصَارُوا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا سِوَى عِكْرِمَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ رِدْءًا لَهُمْ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْ فُلَّالِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَشَرَةَ آلَافٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَصَارُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا سِوَى سِتَّةِ آلَافٍ مَعَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، وَقِيلَ فِي عَدَدِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ فِيهِمْ أَلْفُ صَحَابِيٍّ، مِنْهُمْ نَحْوُ مِائَةٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَكَانَ الرُّومُ فِي مِائَتَيْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، مِنْهُمْ ثَمَانُونَ أَلْفَ مُقَيَّدٍ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مُسَلْسَلٍ لِلْمَوْتِ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا مُرَبَّطُونَ بِالْعَمَائِمِ لِئَلَّا يَفِرُّوا، وَثَمَانُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَقِيلَ: كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ، وَكَانَ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ عَلَى تَسَانُدٍ، كُلُّ أَمِيرٍ عَلَى أَصْحَابِهِ لَا يَجْمَعُهُمْ أَحَدٌ، حَتَّى قَدِمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ، وَكَانَ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ يُحَرِّضُونَ الرُّومَ شَهْرًا، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الْقِتَالِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ قِتَالٌ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
فَلَمَّا أَحَسَّ الْمُسْلِمُونَ بِخُرُوجِهِمْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ مُتَسَانِدِينَ، فَسَارَ فِيهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ لَا يَنْبَغِي فِيهِ الْفَخْرُ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute