[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَة]
٣٨٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عَوْدِ أَبِي عَلِيٍّ إِلَى خُرَاسَانَ.
لَمَّا عَادَ الْأَمِيرُ نُوحٌ إِلَى بُخَارَى، وَسُبُكْتِكِينُ إِلَى هَرَاةَ، وَبَقِيَ مَحْمُودٌ بِنَيْسَابُورَ، طَمِعَ أَبُو عَلِيٍّ وَفَائِقٌ فِي خُرَاسَانَ، فَسَارَا عَنْ جُرْجَانَ إِلَى نَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا بَلَغَ مَحْمُودًا خَبَرُهُمَا كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ، وَبَرَزَ هُوَ فَنَزَلَ بِظَاهِرِ نَيْسَابُورَ وَأَقَامَ يَنْتَظِرُ الْمَدَدَ، فَأَعْجَلَاهُ فَصَبَرَ لَهُمَا فَقَاتَلَاهُ، وَكَانَ فِي قِلَّةٍ مِنَ الرِّجَالِ فَانْهَزَمَ عَنْهُمَا نَحْوَ أَبِيهِ، وَغَنِمَ أَصْحَابُهُمَا مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَشَارَ أَصْحَابُ أَبِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ بِاتِّبَاعِهِ وَإِعْجَالِهِ وَوَالِدِهِ عَنِ الْجَمْعِ وَالِاحْتِشَادِ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَقَامَ بِنَيْسَابُورَ وَكَاتَبَ الْأَمِيرَ نُوحًا يَسْتَمِيلُهُ وَيَسْتَقِيلُ مِنْ عَثْرَتِهِ وَزَلَّتِهِ، وَكَذَلِكَ كَاتَبَ سُبُكْتِكِينَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَحَالَ بِمَا جَرَى عَلَى فَائِقٍ فَلَمْ يُجِيبَاهُ إِلَى مَا أَرَادَ.
وَجَمَعَ سُبُكْتِكِينُ الْعَسَاكِرَ فَأَتَوْهُ عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ وَسَارَ نَحْوَ أَبِي عَلِيٍّ فَالْتَقَوْا بِطُوسَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ، وَأَتَاهُمْ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ فِي عَسْكَرٍ ضَخْمٍ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنَجَا أَبُو عَلِيٍّ وَفَائِقٌ فَقَصَدَا أَبِيوَرْدَ، فَتَبِعَهُمْ سُبُكْتِكِينُ وَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ مَحْمُودًا بِنَيْسَابُورَ، فَقَصَدَا مَرْوَ ثُمَّ آمُلَ الشَّطِّ، وَرَاسَلَا الْأَمِيرَ نُوحًا يَسْتَعْطِفَانِهِ، فَأَجَابَ أَبَا عَلِيٍّ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْ قَبُولِ عُذْرِهِ إِنْ فَارَقَا فَائِقًا وَنَزَلَا بِالْجُرْجَانِيَّةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَحَذَّرَهُ فَائِقٌ، وَخَوَّفَهُ مِنْ مَكِيدَتِهِمْ بِهِ وَمَكْرِهِمْ فَلَمْ يَلْتَفِتْ لِأَمْرٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فَفَارَقَ فَائِقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute