[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥٠٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ مَسِيرِ آقْسُنْقُرَ الْبُرْسُقِيِّ إِلَى الشَّامِ لِحَرْبِ الْفِرِنْجِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ الْأَمِيرَ آقْسُنْقُرَ الْبُرْسُقِيَّ إِلَى الْمَوْصِلِ وَأَعْمَالِهَا، وَالِيًا عَلَيْهَا، لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ مَوْدُودٍ، وَسَيَّرَ مَعَهُ وَلَدَهُ الْمَلِكَ مَسْعُودًا فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، وَأَمَرَهُ بِقِتَالِ الْفِرِنْجِ، وَكَتَبَ إِلَى سَائِرِ الْأُمَرَاءِ بِطَاعَتِهِ، فَوَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَاتَّصَلَتْ بِهِ عَسَاكِرُهَا، وَفِيهِمْ عِمَادُ الدِّينِ زِنْكِيُّ بْنُ آقْسُنْقُرَ، الَّذِي مَلَكَ هُوَ وَأَوْلَادُهُ الْمَوْصِلَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ لَهُ شَجَاعَةٌ فِي الْغَايَةِ.
وَاتَّصَلَ بِهِ أَيْضًا تَمِيرُكُ صَاحِبُ سَنْجَارَ وَغَيْرِهِمَا، فَسَارَ الْبُرْسُقِيُّ إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فَسَلَّمَا إِلَيْهِ نَائِبَ مَوْدُودٍ بِهَا، وَسَارَ مَعَهُ إِلَى مَارِدِينَ، فَنَازَلَهَا الْبُرْسُقِيُّ، حَتَّى أَذْعَنَ لَهُ إِيلْغَازِي صَاحِبُهَا، وَسَيَّرَ مَعَهُ عَسْكَرًا مَعَ وَلَدِهِ إِيَّازَ، فَسَارَ عَنْهُ الْبُرْسُقِيُّ إِلَى الرُّهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، فَنَازَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَقَاتَلَهَا، وَصَبَرَ لَهُ الْفِرِنْجُ، وَأَصَابُوا مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً، فَأَخَذُوا مِنْهُمْ تِسْعَةَ رِجَالٍ وَصَلَبُوهُمْ عَلَى سُورِهَا، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ حِينَئِذٍ، وَحَمِيَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَاتَلُوا، فَقَتَلُوا مِنَ الْفِرِنْجِ خَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ أَعْيَانِهِمْ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا شَهْرَيْنِ وَأَيَّامًا.
وَضَاقَتِ الْمِيرَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَرَحَلُوا مِنَ الرُّهَا إِلَى سُمَيْسَاطَ، بَعْدَ أَنْ خَرَّبُوا بَلَدَ سَرُوجَ وَبَلَدَ سُمَيْسَاطَ وَأَطَاعَهُ صَاحِبُ مَرْعَشَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى شَحْنَانَ، فَقَبَضَ عَلَى إِيَّازَ بْنِ إِيلْغَازِي، حَيْثُ لَمْ يَحُضَّ أَبُوهُ، وَنَهَبَ سَوَادَ مَارِدِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute