[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ]
١٩٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ حِصَارِ بَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَاصَرَ طَاهِرٌ، وَهَرْثَمَةُ، وَزُهَيْرُ بْنُ الْمُسَيَّبِ - الْأَمِينَ مُحَمَّدًا بِبَغْدَاذَ، فَنَزَلَ زُهَيْرُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الضَّبِّيُّ بُرْقَةَ كَلْوَاذَى، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ وَالْعَرَّادَاتِ، وَحَفَرَ الْخَنَادِقَ، وَكَانَ يَخْرُجُ فِي الْأَيَّامِ عِنْدَ اشْتِغَالِ الْجُنْدِ بِحَرْبِ طَاهِرٍ، فَيَرْمِي بِالْعَرَّادَاتِ، وَيُعَشِّرُ أَمْوَالَ التُّجَّارِ، فَشَكَا النَّاسُ مِنْهُ إِلَى طَاهِرٍ، فَنَزَلَ هَرْثَمَةُ نَهْرَبَيْنَ، وَعَمِلَ عَلَيْهِ خَنْدَقًا وَسُورًا، وَنَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَضَّاحِ بِالشَّمَّاسِيَّةِ، وَنَزَلَ طَاهِرٌ الْبُسْتَانَ الَّذِي بِبَابِ الْأَنْبَارِ.
فَلَمَّا نَزَلَهُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْأَمِينِ، وَتَفَرَّقَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَأَمَرَ بِبَيْعِ مَا فِي الْخَزَائِنِ مِنَ الْأَمْتِعَةِ، وَضَرَبَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِيُفَرِّقَهَا فِي أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ الْحَرْبِيَّةِ، فَرُمِيَتْ بِالنِّفْطِ وَالنِّيرَانِ وَقُتِلَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ.
وَاسْتَأْمَنَ إِلَى طَاهِرٍ سَعِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قَادِمٍ، فَوَلَّاهُ الْأَسْوَاقَ وَشَاطِئَ دِجْلَةَ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ، وَأَمَرَهُ بِحَفْرِ الْخَنَادِقِ، وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ فِي كُلِّ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّرُوبِ، وَأَمَدَّهُ بِالْأَمْوَالِ وَالرِّجَالِ، فَكَثُرَ الْخَرَابُ بِبَغْدَاذَ وَالْهَدْمُ، فَدَرَسَتِ الْمَنَازِلُ.
وَوَكَّلَ الْأَمِينُ عَلِيًّا افْرَاهَمَرْدَ بِقَصْرِصَالِحٍ، وَقَصْرِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمَنْصُورِ إِلَى دِجْلَةَ، فَأَلَحَّ فِي إِحْرَاقِ الدُّورِ وَالدُّرُوبِ، وَالرَّمْيِ بِالْمَجَانِيقِ، وَفَعَلَ طَاهِرٌ مِثْلَ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute