[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
٤٨٣ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ أَبِي نَصْرِ بْنِ جَهِيرٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، تُوُفِّيَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَهِيرٍ الَّذِي كَانَ وَزِيرَ الْخَلِيفَةِ بِمَدِينَةِ الْمَوْصِلِ، وَمَوْلِدُهُ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتَزَوُّجَ إِلَى أَبِي الْعَقَارِبِ شَيْخِهَا، وَنَظَرَ فِي أَمْلَاكِ جَارِيَةِ قِرْوَاشٍ، الْمَعْرُوفَةُ بِسَرْهَنْكَ، ثُمَّ خَدَمَ بَرَكَةَ بْنَ الْمُقَلِّدِ، حَتَّى قَبَضَ عَلَى أَخِيهِ قِرْوَاشٌ وَحَبَسَهُ، وَمَضَى بِهَدَايَا إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَرَسُولُ نَصْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَرْوَانَ، فَتَقَدَّمَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ، فَنَازَعَهُ رَسُولُ ابْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ لِمَلِكِ الرُّومِ: أَنَا أَسْتَحِقُّ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُؤَدِّي الْخَرَاجَ إِلَى صَاحِبِي.
فَلَمَّا عَادَ إِلَى قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ أَرَادَ الْقَبْضَ عَلَيْهِ، فَاسْتَجَارَ بِأَبِي الشَّدَّادِ، وَكَانَتْ عُقَيْلٌ تُجِيرُ عَلَى أُمَرَائِهَا، وَسَارَ إِلَى حَلَبَ، فَوَزَرَ لِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ أَبِي ثَمَالِ بْنِ صَالِحٍ. ثُمَّ مَضَى إِلَى مَلَطْيَةَ، وَمِنْهَا إِلَى ابْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَمِنْتَنِي وَقَدْ فَعَلْتَ بِرَسُولِي مَا فَعَلْتَ عِنْدَ مَلِكِ الرُّومِ؟ فَقَالَ: حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ نُصْحُ صَاحِبِي. فَاسْتَوْزَرَهُ، فَعَمَرَ بِلَادَهُ.
وَوَزَرَ بَعْدَ نَصْرِ الدَّوْلَةِ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَوَلِيَ وِزَارَةَ الْخَلِيفَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَتَوَلَّى أَخْذَ دِيَارِ بِكْرٍ مِنْ بَنِي مَرْوَانَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ، فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَتُوُفِّيَ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute