[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
٦٢٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ دُخُولِ الْكُرْجِ مَدِينَةَ تِفْلِيسَ وَإِحْرَاقِهَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَصَلَ الْكُرْجُ مَدِينَةَ تِفْلِيسَ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا مِنَ الْعَسْكَرِ الْإِسْلَامِيِّ مَنْ يَقُومُ بِحِمَايَتِهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ جَلَالَ الدِّينِ لَمَّا عَادَ مِنْ خِلَاطَ، كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَأَوْقَعَ بِالْإِيوَانِيَّةِ، فَرَّقَ عَسَاكِرَهُ إِلَى الْمَوَاضِعِ الْحَارَّةِ الْكَثِيرَةِ الْمَرْعَى، لِيُشَتُّوا بِهَا، وَكَانَ عَسْكَرُهُ قَدْ أَسَاءُوا السِّيرَةَ فِي رَعِيَّةِ تِفْلِيسَ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ، وَعَسَفُوهُمْ، فَكَاتَبُوا الْكُرْجَ يَسْتَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ لِيُمَلِّكُوهُمُ الْبَلَدَ، فَاغْتَنَمَ الْكُرْجُ ذَلِكَ لِمَيْلِ أَهْلِ الْبَلَدِ إِلَيْهِمْ، وَخُلُوِّهِ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَاجْتَمَعُوا، وَكَانُوا بِمَدِينَتَيْ قرسَ وَآنِي وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحُصُونِ، وَسَارُوا إِلَى تِفْلِيسَ، وَكَانَتْ خَالِيَةً كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّ جَلَالَ الدِّينِ اسْتَضْعَفَ الْكُرْجَ لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَظُنَّ فِيهِمْ حَرَكَةً، فَمَلَكُوا الْبَلَدَ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهِ، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حِفْظِ الْبَلَدِ مِنْ جَلَالِ الدِّينِ، فَأَحْرَقُوهُ جَمِيعَهُ.
وَأَمَّا جَلَالُ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ، سَارَ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ لِيُدْرِكَهُمْ، فَلَمْ يَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا، كَانُوا قَدْ فَارَقُوا تِفْلِيسَ لَمَّا أَحْرَقُوهَا.
ذِكْرُ نَهْبِ جَلَالِ الدِّينِ بَلَدَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ أَمِيرًا كَبِيرًا مِنْ أُمَرَاءِ جَلَالِ الدِّينِ، وَكَانَ قَدْ أَقْطَعَهُ جَلَالُ الدِّينِ مَدِينَةَ كَنْجَةَ وَأَعْمَالَهَا، وَكَانَ نِعْمَ الْأَمِيرُ، كَثِيرَ الْخَيْرِ، حَسَنَ السِّيرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute