[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٧٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ خُمَارَوَيْهِ وَابْنِ أَبِي السَّاجِ
قَدْ ذَكَرْنَا اتِّفَاقَ ابْنِ أَبِي السَّاجِ، وَخُمَارَوَيْهِ بْنِ طُولُونَ، وَطَاعَةَ ابْنِ أَبِي السَّاجِ لَهُ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ خَالَفَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ عَلَى خُمَارَوَيْهِ، فَسَمِعَ خُمَارَوَيْهِ الْخَبَرَ، فَسَارَ عَنْ مِصْرَ فِي عَسَاكِرِهِ نَحْوَ الشَّامِ، فَقَدِمَ إِلَيْهِ آخِرَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، فَسَارَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ بِقُرْبِ دِمَشْقَ، وَاقْتَتَلُوا فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، كَانَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا، فَانْهَزَمَتْ مَيْمَنَةُ خُمَارَوَيْهِ، وَأَحَاطَ بَاقِي عَسْكَرِهِ بِابْنِ أَبِي السَّاجِ، وَمَنْ مَعَهُ، فَمَضَى مُنْهَزِمًا، وَاسْتُبِيحَ مُعَسْكَرُهُ، وَأُخِذَتِ الْأَثْقَالُ، وَالدَّوَابُّ، وَجَمِيعُ مَا فِيهِ.
وَكَانَ قَدْ خَلَّفَ بِحِمْصَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ خُمَارَوَيْهِ قَائِدًا فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ جَرِيدَةً فَسَبَقُوا ابْنَ أَبِي السَّاجِ إِلَيْهَا، وَمَنَعُوهُ مِنْ دُخُولِهَا وَالِاعْتِصَامِ بِهَا، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى مَا لَهُ فِيهَا، فَمَضَى ابْنُ أَبِي السَّاجِ مُنْهَزِمًا إِلَى حَلَبَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى الرَّقَّةِ، فَتَبِعَهُ خُمَارَوَيْهِ، فَفَارَقَ الرَّقَّةَ، فَعَبَرَ خُمَارَوَيْهِ الْفُرَاتَ، (سَارَ فِي أَثَرِ ابْنِ أَبِي السَّاجِ، فَوَصَلَ خُمَارَوَيْهِ إِلَى مَدِينَةِ بَلَدَ، وَكَانَ قَدْ سَبَقَهُ ابْنُ أَبِي السَّاجِ إِلَى الْمَوْصِلِ) .
فَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ بِوُصُولِهِ إِلَى بَلَدَ سَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ إِلَى الْحَدِيثَةِ، وَأَقَامَ خُمَارَوَيْهِ بِبَلَدَ، وَعَمِلَ لَهُ سَرِيرًا طَوِيلَ الْأَرْجُلِ، فَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ فِي دِجْلَةَ، هَكَذَا ذَكَرَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَزِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ صَاحِبُ " تَارِيخِ الْمَوْصِلِ ": أَنَّ خُمَارَوَيْهِ وَصَلَ إِلَى بَلَدَ، وَكَانَ إِمَامًا فَاضِلًا عَالِمًا بِمَا يَقُولُ وَهُوَ يُشَاهِدُ الْحَالَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute