للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]

٣٤٩ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ ظُهُورِ الْمُسْتَجِيرِ بِاللَّهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ رَجُلٌ مِنْ أَوْلَادِ عِيسَى بْنِ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ، وَتَلَقَّبَ بِالْمُسْتَجِيرِ بِاللَّهِ، وَبَايَعَ لِلرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلَبِسَ الصُّوفَ وَأَظْهَرَ الْعَدْلَ، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ.

وَكَانَ السَّبَبُ فِي ظُهُورِهِ أَنَّ جِسْتَانَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ، تَرَكَ سِيرَةَ وَالِدِهِ فِي سِيَاسَةِ الْجَيْشِ، وَاشْتَغَلَ بِاللَّعِبِ، وَمُشَاوَرَةِ النِّسَاءِ، وَكَانَ جِسْتَانُ بْنُ شَرْمِزَنَّ بِأُرْمِيَةَ (مُتَحَصِّنًا بِهَا) ، وَكَانَ وَهْسُوذَانُ بِالطَّرْمِ يَضْرِبُ بَيْنَ أَوْلَادِ أَخِيهِ لِيَخْتَلِفُوا.

ثُمَّ إِنَّ جِسْتَانَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ قَبَضَ عَلَى وَزِيرِهِ النُّعَيْمِيِّ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَزِيرِ جِسْتَانَ بْنِ شَرْمِزَنَّ مُصَاهَرَةٌ، وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ، فَاسْتَوْحَشَ أَبُو الْحَسَنِ لِقَبْضِ النُّعَيْمِيِّ، فَحَمَلَ صَاحِبَهُ ابْنَ شَرْمِزَنَّ عَلَى مُكَاتَبِةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، وَكَانَ بِأَرْمِينِيَّةَ، فَكَاتَبَهُ وَأَطْمَعَهُ فِي الْمُلْكِ، فَسَارَ إِلَيْهِ فَقَصَدُوا مَرَاغَةَ وَاسْتَوْلُوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا عَلِمَ جِسْتَانُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ بِذَلِكَ، رَاسَلَ ابْنَ شَرْمِزَنَّ وَوَزِيرَهُ أَبَا الْحَسَنِ، فَأَصْلَحَهُمَا، وَضَمِنَ لَهُمَا إِطْلَاقَ النُّعَيْمِيِّ، فَعَادَ عَنْ نُصْرَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَظَهَرَ لَهُ وَلِأَخِيهِ نِفَاقُ ابْنِ شَرْمِزَنَّ، فَتَرَاسَلَا وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ.

ثُمَّ إِنَّ النُّعَيْمِيَّ هَرَبَ مِنْ حَبْسِ جِسْتَانَ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، وَسَارَ إِلَى مُوقَانَ، وَكَاتَبَ ابْنَ عِيسَى بْنِ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ، وَأَطْمَعَهُ فِي الْخِلَافَةِ، وَأَنْ يَجْمَعَ لَهُ الرِّجَالَ، وَيَمْلِكَ لَهُ أَذْرَبِيجَانَ، فَإِذَا قَوِيَ قَصَدَ الْعِرَاقَ، فَسَارَ إِلَيْهِ فِي نَحْوِ ثَلَاثِمِائِةِ رَجُلٍ، وَأَتَاهُ جِسْتَانُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>