صَافِيَةً، وَدَعَا مَنْ هَرَبَ إِلَى الْجِزْيَةِ، فَأَجَابُوهُ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ وَعُتْبَةَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى حُرْقُوصٍ وَإِلَيْهِ بِالْمُقَامِ فِيمَا غَلَبَا عَلَيْهِ، حَتَّى يَأْمُرَهُمَا بِأَمْرِهِ، فَعَمَرَ جَزَءٌ الْبِلَادَ، وَشَقَّ الْأَنْهَارَ وَأَحْيَا الْمَوَاتَ. وَرَاسَلَهُمُ الْهُرْمُزَانُ يَطْلُبُ الصُّلْحَ، فَأَجَابَ عُمَرُ إِلَى ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ الْهُرْمُزَانُ وَالْمُسْلِمُونَ يَمْنَعُونَهُ إِذَا قَصَدَهُ الْأَكْرَادُ وَيَجِيءُ إِلَيْهِمْ. وَنَزَلَ حُرْقُوصٌ جَبَلَ الْأَهْوَازِ، وَكَانَ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الِاخْتِلَافُ إِلَيْهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِنُزُولِ السَّهْلِ، وَأَنْ لَا يَشُقَّ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهَدٍ وَلَا تُدْرِكْكَ فَتْرَةٌ وَلَا عَجَلَةٌ، فَتُكَدِّرَ دُنْيَاكَ وَتُذْهِبَ آخِرَتَكَ. وَبَقِيَ حُرْقُوصٌ إِلَى يَوْمِ صِفِّينَ، وَصَارَ حَرُورِيًّا وَشَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ الْخَوَارِجِ.
[ذكر فَتْحِ رَامَهُرْمُزَ وَتُسْتَرَ وَأَسْرِ الْهُرْمُزَانِ]
قِيلَ: كَانَ فَتْحُ رَامَهُرْمُزَ وَتُسْتَرَ وَالسُّوسَ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ عِشْرِينَ.
وَكَانَ سَبَبُ فَتْحِهَا أَنْ يَزْدَجِرْدَ لَمْ يَزَلْ وَهُوَ بِمُرْوٍ يُثِيرُ أَهْلَ فَارِسَ أَسَفًا عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ مُلْكِهِمْ، فَتَحَرَّكُوا وَتَكَاتَبُوا هُمْ وَأَهْلُ الْأَهْوَازِ، وَتَعَاقَدُوا عَلَى النُّصْرَةِ، فَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْرٍ وَجَزَءًا وَسُلْمَى وَحَرْمَلَةَ، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بِالْخَبَرِ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ: أَنِ ابْعَثْ إِلَى الْأَهْوَازِ جُنْدًا كَثِيفًا مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَعَجِّلْ فَلْيَنْزِلُوا بِإِزَاءِ الْهُرْمُزَانِ وَيَتَحَقَّقُوا أَمْرَهُ. وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَنِ ابْعَثْ إِلَى الْأَهْوَازِ جُنْدًا كَثِيفًا، وَأَمِّرْ عَلَيْهِمْ سَهْلَ بْنَ عَدِيٍّ أَخَا سُهَيْلٍ، وَابْعَثْ مَعَهُ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنَ ثَوْرٍ وَعَرْفَجَةَ بْنَ هَرْثَمَةَ وَغَيْرَهُمْ، وَعَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ جَمِيعًا أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ.
فَخَرَجَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فَسَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ عَلَى الْبِغَالِ يُجَنِّبُونَ الْخَيْلَ، فَخَلَّفَ حُرْقُوصًا وَسُلْمَى وَحَرْمَلَةَ وَسَارَ نَحْوَ الْهُرْمُزَانِ، وَهُوَ بِرَامَهُرْمُزَ. فَلَمَّا سَمِعَ الْهُرْمُزَانُ بِمَسِيرِ النُّعْمَانِ إِلَيْهِ بَادَرَهُ الشِّدَّةَ وَرَجَا أَنْ يَقْتَطِعَهُ وَمَعَهُ أَهْلُ فَارِسَ، فَالْتَقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute