[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٢٥ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ مَسِيرِ الرَّاضِي بِاللَّهِ إِلَى حَرْبِ الْبَرِيدِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَشَارَ مُحَمَّدُ بْنُ رَائِقٍ عَلَى الرَّاضِي بِاللَّهِ بِالِانْحِدَارِ مَعَهُ إِلَى وَاسِطَ لِيَقْرُبَ مِنَ الْأَهْوَازِ، وَيُرَاسِلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الْبَرِيدِيِّ، فَإِنْ أَجَابَ إِلَى مَا يَطْلُبُ مِنْهُ، وَإِلَّا قَرُبَ قَصْدُهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ الرَّاضِي إِلَى ذَلِكَ، وَانْحَدَرَ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ، فَخَالَفَ الْحَجَرِيَّةَ وَقَالُوا: هَذِهِ حِيلَةٌ عَلَيْنَا لِيَعْمَلَ بِنَا مِثْلَ مَا عَمِلَ بِالسَّاجِيَّةِ، فَلَمْ يَلْتَفِتِ ابْنُ رَائِقٍ إِلَيْهِمْ، وَانْحَدَرَ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ انْحَدَرُوا بَعْدَهُ، فَلَمَّا صَارُوا بِوَاسِطَ، اعْتَرَضَهُمُ ابْنُ رَائِقٍ، فَأَسْقَطَ أَكْثَرَهُمْ، فَاضْطَرَبُوا وَثَارُوا، فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ الْحَجَرِيَّةُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ.
وَلَمَّا وَصَلَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَى بَغْدَاذَ، رَكِبَ لُؤْلُؤٌ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ بِبَغْدَاذَ وَلَقِيَهُمْ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ فَاسْتَتَرُوا، فَنُهِبَتْ دُورُهُمْ، وَقُبِضَتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَمْلَاكُهُمْ، وَقُطِعَتْ أَرْزَاقُهُمْ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمُ ابْنُ رَائِقٍ، قَتَلَ مَنْ كَانَ اعْتَقَلَهُ مِنَ السَّاجِيَّةِ سِوَى صَافِي الْخَازِنِ، وَهَارُونَ بْنِ مُوسَى، فَلَمَّا فَرَغَ، أَخْرَجَ مَضَارِبَهُ وَمَضَارِبَ الرَّاضِي نَحْوَ الْأَهْوَازِ لِإِجْلَاءِ ابْنِ الْبَرِيدِيِّ عَنْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فِي مَعْنَى تَأْخِيرِ الْأَمْوَالِ، وَمَا قَدِ ارْتَكَبَهُ مِنَ الِاسْتِبْدَادِ بِهَا وَإِفْسَادِ الْجُيُوشِ وَتَزْيِينِ الْعِصْيَانِ لَهُمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ مَعَايِبِهِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنَّهُ إِنْ حَمَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُنْدَ الَّذِينَ أَفْسَدَهُمْ أُقِرَّ عَلَى عَمَلِهِ، وَإِنْ أَبَى قُوبِلَ بِمَا اسْتَحَقَّهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ الرِّسَالَةَ جَدَّدَ ضَمَانَ الْأَهْوَازِ، كُلُّ سَنَةٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفَ دِينَارٍ، يَحْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ بِقِسْطِهِ، وَأَجَابَ إِلَى تَسْلِيمِ الْجَيْشِ إِلَى أَنْ يُؤْمَرَ بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ مِمَّنْ يَسِيرُ بِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute