[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَة]
٦١٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ كِيكَاوُسَ وَمُلْكِ كَيْقُبَاذَ أَخِيهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْغَالِبُ عِزُّ الدِّينِ كِيكَاوُسُ بْنُ كَيْخِسْرُو بْنِ قَلْجِ أَرْسِلَانْ، صَاحِبُ قُونِيَةَ، وَأَقْصَرَا وَمَلَطْيَةَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَلَدِ الرُّومِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ، وَحَشَدَ، وَسَارَ إِلَى مَلَطْيَةَ عَلَى قَصْدِ بِلَادِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ لِقَاعِدَةٍ اسْتَقَرَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاصِرِ الدِّينِ، صَاحِبِ آمِدَ، وَمُظَفَّرِ الدِّينِ، صَاحِبِ إِرْبَلَ، وَكَانُوا قَدْ خَطَبُوا لَهُ، وَضَرَبُوا اسْمَهُ عَلَى السِّكَّةِ فِي بِلَادِهِمْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ وَبَدْرِ الدِّينِ بِالْمَوْصِلِ.
فَسَارَ كِيكَاوُسُ إِلَى مَلَطْيَةَ لِيَمْنَعَ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ بِهَا عَنِ الْمَسِيرِ إِلَى الْمَوْصِلِ نَجْدَةً لِصَاحِبِهَا بَدْرِ الدِّينِ، لَعَلَّ مُظَفَّرَ الدِّينِ يَبْلُغُ مِنَ الْمَوْصِلِ غَرَضًا، وَكَانَ قَدْ عَلِقَ بِهِ السُّلُّ، فَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ عَادَ عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ وَمَلَكَ بَعْدَهُ أَخُوهُ كَيْقُبَاذُ، وَكَانَ مَحْبُوسًا، قَدْ حَبَسَهُ أَخُوهُ كِيكَاوُسُ لَمَّا أَخَذَ الْبِلَادَ مِنْهُ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِقَتْلِهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ لَمْ يَخْلُفْ وَلَدًا يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ لِصِغَرِهِمْ، فَأَخْرَجَ الْجُنْدُ كَيْقُبَاذَ وَمَلَّكُوهُ. وَمَنْ (بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) .
وَقِيلَ بَلْ أَرْسَلَ كِيكَاوُسُ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ مِنَ السِّجْنِ، وَوَصَّى لَهُ بِالْمُلْكِ، وَحَلَّفَ النَّاسَ لَهُ، فَلَمَّا مَلَكَ خَالَفَهُ عَمُّهُ صَاحِبُ أَرْزَنِ الرُّومِ، وَخَافَ أَيْضًا مِنَ الرُّومِ الْمُجَاوِرِينَ لِبِلَادِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ وَصَالَحَهُ، وَتَعَاهَدَا عَلَى الْمُصَافَاةِ وَالتَّعَاضُدِ، وَتَصَاهَرَا، وَكُفِيَ الْأَشْرَفُ شَرَّ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَتَفَرَّغَ بَالُهُ لِإِصْلَاحِ مَا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute