[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
٣٥٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ أَهْلِ حَرَّانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ (فِي صَفَرٍ) ، امْتَنَعَ أَهْلُ حَرَّانَ عَلَى صَاحِبِهَا هِبَةَ اللَّهِ بْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَعَصَوْا عَلَيْهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُتَقَلِّدًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا مِنْ دِيَارِ مُضَرَ مِنْ قِبَلِ عَمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَعَسَفَهُمْ نُوَّابُهُ وَظَلَمُوهُمْ، وَطَرَحُوا الْمُتْعَةَ عَلَى التُّجَّارِ مَنْ أَهْلِ حَرَّانَ، وَبَالَغُوا فِي ظُلْمِهِمْ.
وَكَانَ هِبَةُ اللَّهِ عِنْدَ عَمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحَلَبَ، فَثَارَ أَهْلُهَا عَلَى نُوَّابِهِ وَطَرَدُوهُمْ، فَسَمِعَ هِبَةُ اللَّهِ بِالْخَبَرِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَحَارَبَهُمْ، وَحَصَرَهُمْ، فَقَاتَلَهُمْ وَقَاتَلُوهُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَلَمَّا رَأَى سَيْفُ الدَّوْلَةِ شِدَّةَ الْأَمْرِ وَاتِّصَالَ الشَّرِّ، قَرُبَ مِنْهُمْ وَرَاسَلَهُمْ، وَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا يُرِيدُونَ، فَاصْطَلَحُوا وَفَتَحُوا أَبْوَابَ الْبَلَدِ، وَهَرَبَ مِنْهُ الْعَيَّارُونَ خَوْفًا مِنْ هِبَةِ اللَّهِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْوَزِيرِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْوَزِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ وَزِيرُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى عَمَّانَ لِيَفْتَحَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَحْرَ اعْتَلَّ، وَاشْتَدَّتْ عِلَّتُهُ، فَأُعِيدَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ فِي شَعْبَانَ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى بَغْدَاذَ فَدُفِنَ بِهَا، وَقَبَضَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَمْوَالَهُ وَذَخَائِرَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ، وَأَخَذَ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَحَوَاشِيهِ، حَتَّى مَلَّاحَهُ، وَمَنْ خَدَمَهُ يَوْمًا وَاحِدًا، فَقَبَضَ عَلَيْهِمْ وَحَبَسَهُمْ، فَاسْتَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ وَاسْتَقْبَحُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute