وَقِيلَ: بَلْ بَقِيَا فِي الْكَعْبَةِ وَسُرِقَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَأَقْبَلَ النَّاسُ وَالْحُجَّاجُ عَلَى بِئْرِ زَمْزَمَ تَبَرُّكًا بِهَا وَرَغْبَةً فِيهَا، وَأَعْرَضُوا عَمَّا سِوَاهَا مِنَ الْآبَارِ.
وَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ تَظَاهُرَ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ نَذَرَ لِلَّهِ تَعَالَى: إِنْ يُرْزِقْهُ عَشَرَةً مِنَ الْوِلْدَانِ يَبْلُغُونَ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَيَذُبُّوا عَنْهُ نَحَرَ أَحَدَهُمْ قُرْبَانًا لِلَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ ذُكِرَ النَّذْرُ فِي اسْمِ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالْوَسْمَةِ، وَهُوَ السَّوَادُ، لِأَنَّ الشَّيْبَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ.
[عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَجَارُهُ الْيَهُودِيُّ]
وَكَانَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ جَارٌ يَهُودِيٌّ يُقَالُ لَهُ أُذَيْنَةُ يَتَّجِرُ وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَغَاظَ ذَلِكَ حَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَكَانَ نَدِيمَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَأَغْرَى بِهِ فِتْيَانًا مِنْ قُرَيْشٍ لِيَقْتُلُوهُ وَيَأْخُذُوا مَالَهُ، فَقَتَلَهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ وَصَخْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ التَّيْمِيُّ جَدُّ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَعْرِفْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَاتِلِيهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْحَثُ حَتَّى عَرَفَهُمَا، وَإِذَا هُمَا قَدِ اسْتَجَارَا بِحَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَأَتَى حَرْبًا وَلَامَهُ وَطَلَبَهُمَا مِنْهُ. فَأَخْفَاهُمَا، فَتَغَالَظَا فِي الْقَوْلِ حَتَّى تَنَافَرَا إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، فَلَمْ يَدْخُلْ بَيْنَهُمَا، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَدَوِيَّ جَدَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَقَالَ لِحَرْبٍ: يَا أَبَا عَمْرٍو أَتُنَافِرُ رَجُلًا هُوَ أَطْوَلُ مِنْكَ قَامَةً، وَأَوْسَمُ مِنْكَ وَسَامَةً، وَأَعْظَمُ مِنْكَ هَامَةً، وَأَقَلُّ مِنْكَ مَلَامَةً، وَأَكْثَرُ مِنْكَ وَلَدًا، وَأَجْزَلُ مِنْكَ صَفَدًا، وَأَطْوَلُ مِنْكَ مَدَدًا، وَإِنِّي لَأَقُولُ هَذَا وَإِنَّكَ لَبَعِيدُ الْغَضَبْ، رَفِيعُ الصَّوْتِ فِي الْعَرَبْ، جَلْدُ الْمَرِيرَهْ، تُحِبُّكَ الْعَشِيرَهْ، وَلَكِنَّكَ نَافَرْتَ مُنَفِّرًا، فَغَضِبَ حَرْبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute