للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْلَانُ بْنُ خَرَشَةَ، وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، فَقَالَ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ:

أَمْسَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نَطُوفُ بِهَا ... وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا

وَصَالَحَهَا مُسَيْلِمَةُ عَلَى غَلَّاتِ الْيَمَامَةِ، سَنَةً تَأْخُذُ النِّصْفَ وَتَتْرُكُ عِنْدَهُ مَنْ يَأْخُذُ النِّصْفَ، فَأَخَذَتِ النِّصْفَ وَانْصَرَفَتْ إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَخَلَّفَتِ الْهُذَيْلَ وَعَقَّةَ وَزِيَادًا لِأَخْذِ النِّصْفِ الْبَاقِي، فَلَمْ يُفَاجِئْهُمْ إِلَّا دُنُوُّ خَالِدٍ إِلَيْهِمْ فَارْفَضُّوا.

فَلَمْ تَزَلْ سَجَاحُ فِي تَغْلِبَ حَتَّى نَقَلَهُمْ مُعَاوِيَةُ عَامَ الْجَمَاعَةِ، وَجَاءَتْ مَعَهُمْ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ وَإِسْلَامُهَا، وَانْتَقَلَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ وَمَاتَتْ بِهَا، وَصَلَّى عَلَيْهَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ وَهُوَ عَلَى الْبَصْرَةِ لِمُعَاوِيَةَ، قَبْلَ قُدُومِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ خُرَاسَانَ وَوِلَايَتِهِ الْبَصْرَةَ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا لَمَّا قُتِلَ مُسَيْلِمَةُ سَارَتْ إِلَى أَخْوَالِهَا تَغْلِبَ بِالْجَزِيرَةِ، فَمَاتَتْ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهَا بِذِكْرٍ.

[ذِكْرُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ]

لَمَّا رَجَعَتْ سَجَاحُ إِلَى الْجَزِيرَةِ ارْعَوَى مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَنَدِمَ وَتَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، وَعَرَفَ وَكِيعٌ وَسَمَاعَةُ قُبْحَ مَا أَتَيَا، فَرَاجَعَا رُجُوعًا حَسَنًا وَلَمْ يَتَجَبَّرَا، وَأَخْرَجَا الصَّدَقَاتِ فَاسْتَقْبَلَا بِهَا خَالِدًا. وَسَارَ خَالِدٌ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ فَزَارَةَ وَغَطَفَانَ وَأَسَدٍ وَطَيِّئٍ يُرِيدُ الْبُطَاحَ، وَبِهَا مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ قَدْ تَرَدَّدَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ عَنْ خَالِدٍ وَقَالُوا: مَا هَذَا بِعَهْدِ الْخَلِيفَةِ إِلَيْنَا، إِنْ نَحْنُ فَرَغْنَا مِنْ بُزَاخَةَ أَنْ نُقِيمَ حَتَّى يَكْتُبَ إِلَيْنَا. فَقَالَ خَالِدٌ: قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ أَمْضِيَ، وَأَنَا الْأَمِيرُ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ كِتَابٌ بِمَا رَأَيْتُهُ فُرْصَةً وَكُنْتُ إِنْ أَعْلَمْتُهُ فَاتَتْنِي - لَمْ أُعْلِمْهُ، وَكَذَلِكَ لَوِ ابْتُلِينَا بِأَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ عَهْدٌ؛ لَمْ نَدَعْ أَنْ نَرَى أَفْضَلَ مَا يَحْضُرُنَا، ثُمَّ نَعْمَلَ بِهِ، فَأَنَا قَاصِدٌ إِلَى مَالِكٍ وَمَنْ مَعِي، وَلَسْتُ أُكْرِهُهُمْ. وَمَضَى خَالِدٌ وَنَدِمَتِ الْأَنْصَارُ وَقَالُوا: إِنْ أَصَابَ الْقَوْمُ خَيْرًا حُرِمْتُمُوهُ، وَأَنْ أُصِيبُوا لَيَجْتَنِبَنَّكُمُ النَّاسُ. فَلَحِقُوهُ.

ثُمَّ سَارَ حَتَّى قَدِمَ الْبُطَاحَ، فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ قَدْ فَرَّقَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنِ الِاجْتِمَاعِ، وَقَالَ: يَا بَنِي يَرْبُوعٍ، إِنَّا دُعِينَا إِلَى هَذَا الْأَمْرِ فَأَبْطَأْنَا عَنْهُ فَلَمْ نُفْلِحْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>